الخميس، 3 نوفمبر 2011

مساء ... الورد


مساء ... الورد
ركبت حافلة الوقت على عجل وطرت كعصفورة مذعورة بين أحضان جسور قسنطينة ، ونقّبت عنك كما ينقّب الموجوع عن حبّة دواء ضائعة ، وأخيرا وصلت متأخّرة على غير عادة العصافير وفتّشت عنك غرفة غرفة في بوم لا يستقبل فيه الزائرون مرضاهم لكنيّ أخيرا دخلت واتّجهت صوب رواق ضيّق ، مظلم ، وكأنه عمود لقطار مشلول ، ممدّد منذ زمن ، فتحت بابا مغلقا لغرفة معزولة تماما عن كل حركة وحياة ، استغربت هذا الّنفي القاسي في مدينة لا تعترف سوى بمدّ الجسور ، دخلت مبتسمة كعادتي الأولى ، غير أني ما جلست هذه المرة مطلقا ، وإنما فتحت بوابة العتمة المطبقة ، وكأنما أشعرني موقف الصمت برائحة شجار بينك وبين نافذتك ، استغربت الفراغ والهواء الذي استلقى على سريرك البارد ، غريب ألا أجدك بعد هذه الرحلة الطويلة ، جلست أقلّب علب الدواء بفضول فوجدتها محظوظة جدا لانها تظلّ ترعاك وربما تحدّثك أيضا عن قصصها مع المرضى الذين سبقوك غير أنها أكيد تقرّ بتميّزك عنهم جميعا ، لأنها بالكاد تفرغ من بلسمها ، رتّبتها ثم أعدت غلق النافذة الحزينة على غير عادة كل ّ النوافذ الباعثة في النفس روح الأمل ، استدرت على وقع خطوات ثقيلة ، متعبة ، مستسلمة وإذا بي ألمحك منتصبا ، مندهشا ، وكانك فنجان فاضت به الدهشة الممزوجة بالسرور، حملت صوبك علبتي المبللة بالتساؤلات، و وضعتها بين يديك حين غابت عني شياطين الكلام وشكرت حقا هذه الغرفة المظلمة لانها ربما تشبهني في صمتها ، في رحيلها المؤجّل بدون مواعيد ، فلكم تختزلني حيطانها وكأنك اخترتها عمدا لانها تشبهني وتشبهك ربما ، غير أن كلينا ظلّ صامتا في حضرتها .... فهل ستسعني حيطانها وحضورك لاستنزاف كلّ قطرات شوقي ، هل ستروي فضولي نوافذها أبوابها وحتى علب الدواء الواقفة وكأنما مستعدّة هي دائما لتلقينك طلاسم الشفاء .فلكم حدّثتني في صحوتك المفاجئة عن جميع حماقاتك ، وعن جميع مشاكساتك ، ورفضك المستمر ، وهزيمتك المقنعة في حضرتها فهل ستنكر في حضرتي أيضا جميع الاتهامات ....... يتبع
بقلم أ خديجة إدريس 

نصف ... أنثى




أدركت يوم التقيتك أنّي نصف أنثى مهدّدة بالاجتياح ، ولاحت من بعيد ، و خلف عينيك المبلّلتين بشوقي نهاية عصفورة من زجاج تسكنني ، ويسكنها مداد الزّهر المستباح ، كيف لي أن أقهر في حضرتك نهايتي المحاصرة ، وفي عقر منفاي تسلّلت أصابعك الورقيّة المغامرة أيّها المسكون بالنّسيان ... بل أيّها النسيان المسكون بالنّور ، مهزومة هي كلّ مشاريعك على شرفات المدينة ، محمومة هي تلك النظرات المستعجلة في رحيلها ، و تلك الحافلة العجيبة في اقتحاماتها ، وذاك الحزن المشتّت في كتاب تصارعه لام النّهي الجميلة ، وتلك الجريدة التي تركتها بشروقها المعتاد ، فوق طاولة مستديرة الوجه وكأنّها تسرق من تحت سكوننا نظرة خاطفة، وكأنّما مسحورة هي مثلي بنورك ، صرت عمياء لا أرى حولي غيرك ، ولا أسمع صوتا غير خطاك ، ولا اتبع شيئا غير ظلّك المسكون ، وكأني صرت في لحظة خاطفة ريشة مسلوبة الرّوح ، تنفخ فيها هواءك الطفوليّ، و تدوّرها بعصا سحرك المخملي ، و ترميها بعيدا كقطّة معاقبة ، كطفلة في مشاجراتك مشاغبة ، كلّها آمارات لهزيمتي المكابرة ، فمقتولة صرت أنا بلامك ، وبجريدتك ، وبمحطّّتك المقبلة ، وبجميع أقلامك ....وكلّ آهاتك المنثورة بين أزقّّّّّة مدينتي التي سكنتها عنوة ، ونثرت خطاك كما ينثر الخريف رحيقه المجنون .... وصرت معلّقة الرّوح كقشّة منسيّة ، أنتظر محطّّتك المقبلة   بقلم خديجة ادريس 

لحظات ... خريفية



مرّت لحظات من الصمت ، وكأنّ الدنيا أوقفت على رنين معصميها أجراس الوقت ،جلست مبتسمة ممدّدة الشّوق والحنين ، وكأنّني صرت في نصف لحظة أنثى تبحث عن مراياها الضائعة ، وعن حقيبة يدها المليئة بمساحيق الجرأة اللاّزمة للقائك ، تحـسّبا لأيّ انتكاسة عاطفيّة قد تجرّني اليها نظراتك الآسرة ، تسارعت في حضن الدقائق انفاسي وتحرّكت جميع نبضات قلبي المسروقة ، في حضن التّواني المستعجلة ، وكأنّها قطارات من التّوتّر تتزاحم على وقع جلستنا الباردة مساراتها وجميع تقطّعاتها بين أشجار من رماد ، فنفخت من روح الوقت علّه يمدّني بمزيد من الشجاعة في استقبال حبّ ليس ككل الفصول ، ورجل يشبه المطر في اجتياحه المعلول ، وجميع أشيائه المبعثرة ، وصلت في الوقت المحدّد بدون عقل ، وبدون قلب ، وبدون روح ، وصلت فارغة من نفسي ، لأستقبل من سيرسمني كما يشاء ...... فاللّوحة المستعصية في حضورها يلزمها ريشة كريشتك المتمكّنة ..... طوع أصابعك أنا وطوع جميع اقتحاماتك بقلم خديجة ادريس

lمن ... قال




من قال أنّي بمسك الشّوك أحفر جسدا من ورق ، ومن قال أنّي أنثى بثلث اهتماماتها أكسر أعناق الزّنابق فقد صدق حدسه الجميل صدق ، شددت بعنف أزرار الوقت الخجول ، وكففت دمعا أينعت أظافره في رحم البعد ، كما تتفتّق السنابل بين الحقول ، روعة هو ذاك الوقوف في وجه رحيلك المستبدّ العجول ، وكأنّما صدّقت الرؤيا بأنّي شوك ، وأنّي ثلث امرأة يغزوها الذّبول ، أين المفرّ من رؤياك الصّادق حدسها ، من مطرقة القاضي ، وسجّان الحلم ، وادعاء الخائبين سوى المثول ، أرشف من رئتيّ خطاك أنفاسي ، وأشترّ بملح البعد ثراك المعلول ، أيّها السّاحر فوق العادة ،كم يلزمني من وقت كي أستنسخ لنفسي ألف نهاية تباركها العقول . خديجة ادريس

الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

انتفاضة .... ضدّ الزجاج



صرت أشرب دمعك كلّ صباح وكأن كل فناجين القهوة صارت ضديّ ومعك في سير انتفاضتها ضد الوضوح ، تراها معارك البياض والصفاء قد انتهى عهدها يوم التقيتك ، فصارت كل الطرق التي ترشدني اليك حالكة السواد خيوطها ، شوارعها ، تتشابك تتباعد تتناثر فقط كي لا أصل إليك ، فأي انبجاس هذا لمحارة ضياعي ، كلّما أدركت أني وصلت وأكملت في هواك خاريطة الوقت ، تعيدني من حيث بدأت مهمّة البحث عنك ، وكأنك تشتّتني عمدا ، تحرّكني عمدا فوق طاولة الاحتمالات والتوقعات ، متى صرت احتمالا يلفظ أكثر من جرح ومعنى مستعصي النّواح ، بين يديك صرت كالطفلة يسكنني أكثر من زورق ، واكثر من لعبة ، فقط لو تدرك أني من زجاج مرهف لبقيت تنفض عنيّ كل غبار وكل ضياع وكل دمع يشوّه لوحتي الجميلة التي أخطتها باتقان ، وساعدتك في ذلك كل الألوان التي تسكنني ، فتمهّل من فضلك وتذكّر اني من زجاج فلا تكسرني بحروفك التي ترشقني بها من فوق غيمة ضياعك وكأنما كل الأطفال ساروا في انتفاضة ضد الزجاج ..... فلاتكن من فضلك زعيم أحجارهم وطوبهم ففعلا صرت تقتلني جزءا جزءا وكأني لا أستحق الموت الاّ بهذه الطريقة ........
خديجة ادريس

السبت، 8 أكتوبر 2011

صباح .... الورد









صباح الورد المنتشي عطرا تسللّ شقاوة الى غرفة نومك وهكذا ربما تسللت أنا أيضا لننفض الغبار عن صحّتك ونطرد عنها لون الألم جلست وورودي مقابلة وجهك النائم فاذا بها تتكشّف عندي كل ّ أحلامك فأراقب باهتمام تفاصيل حلمك وأنت ممدّد الروح كريشة جميلة أعياها الانتظار والسقم ابتسمت وخطر ببالي أن أقتحم غرفة عقلك عنوة وأحتلّ كل جزء فيها غير ان عطر الورد المرشوش حولك أيقض أنفك الجميل فعدلت عن الفكرة ونظرت صوب النافذة التي تنقل اليك كل أخباري وتحرّكاتي وهاجمت صفاءها ووضوحها الذي أحببته وكأني أستنطقها غيرة لاهتمامك بها أكثر مني في فترة انتكاستك الصحيّة كما أني احببت روحك الملتصقة بعبيرها فكم تزداد جمالا حين تصبح طفلا في حضرتي ...تتذمّر من حلاوة الوجع وتمسك بيدي كلّما قبّلتك الحمى ونثرت هلوستها على مفكرتك كي تظلّ مستيقضا مستنجدا بي .... استدرت حول الغرفة وتاملتها ونقّبت عن آثار لامرأة غيري سبقتني لكني اكتشفت أني الأولى باقتحاماتي فاخذت الورد من على سريرك البارد حتى لا ترسم عليه شوقك واعجابك به أكثر مني وأنت لا تزال بين الحلم واليقضة تنظر اليّ وكأنك لم تعد تفرّق ان كنت حقيقة أو مجرّد حلم قاسمتك ايّاه قبل برهة هكذا ربما سأزورك دائما بعطر الحب وزهر الشوق وعنفوان الاقتحام وشوك الاكتشاف والترقّب والتنقيب


خديجة ادريس

الجمعة، 7 أكتوبر 2011

زورق ... من ورق



استلّ سيفه  وأعلن صمته ... فبكت  لغة الشوق بيننا معلنة انتحارها في لفافات الحلوى المتناثرة الفارغة من سكّرها   ويظلّ  زورقك الصغير الذي يسكنني كطفل   شاركته  اللّعب  يوم العيد  عند ضفّة من زجاج وحرير فقاسمتني طفولته  ملعقتها الّضجرة  ورحلة مجانيّة في زورقه الورقي فما أشقاها تلك الأصابع التي تكتبني  تجرّني عنوة خلف آثار أقدامك الشقيّة كينبوع متحجّر الآفاق يطرق أبواب أوراقي منتفضا مناشدا أحجاري الساكنة في عمقك  للمسير في موكب التقدير لامرأة تسكنني فما أقواها  و ما أقساها حين تتبلل تلك الزوارق في منتصف الطريق وتتمدّد كطائر أرهقته المياه الباردة فكم ستحتاج من زوارق لتغرق كلّ النساء اللواتي يسكنّني يحشرن أنوفهن  ويشاركنني أصابعي فما أشقاك وما أحلاها تلك الأقنعة الجاثمة في صدري متحدّية منطقك الثابت في جميع الأمكنة لتحاصر قلبك وتقنعه بجميع النساء اللواتي يسكنّني لحظة انتفاضة ....... لموعد لم يات بعد على زورق من ورق .    
خديجة ادريس

السبت، 1 أكتوبر 2011

سطوة .... الرّيم




وابتسمت في عقر ثغرها الأحلام  ناولتني حروفها  و هي متّجهة صوب دمعتي رمقتها بنظرة صمت ورمقتني فارتعدت  بحضني منهزمة واختفت تلك الدمعة الشقيّة في حضرة خطواتها المسترسلة صوبي كنافورة هادئة نسائمها المغرية تطيح بملامح العبوس في وجهي لتعلن عن ميلاد لملامح جديدة تتربّع على تقاسيم وجهي المستسلمة للتغيير في حضرتها وأضحت تلك الدمعة بين أصابعها ملتصقة تأبى الاستسلام فسحقتها بمنديل على طاولة قربي وجثمت على صدري مبتسمة الثغر في عقر هزيمتي شدّت عنقي وأرخت أصابعها مقبلة مدبرة وكأنّ الدواء هي وهمست في أذنيّ المستسلمتين لنسيم عبيرها فتطايرت بهمسها أسراب الوجع ورفرفت أحرفها حولي كزخاّت معتّقة بانفاسها الجديدة قالت لي بئس الدم جرحك وبئس الجرح دمعك وبئس الدمع عطرك وبئس العطر حزنك وبئس الحزن حزنك  أوقفت غضبها للحظة، وتوقفت في صوتها محطة الكلام حين أدركت أنّ اليقظة من على عرشي جبهتي قد استفاقت أخيرا ،استقمت على اثر هزّتها وانتصبت قرب نافذة ألمي واستدرت نحوها وكأن الجرح استدار خوفا من لهيب كلماتها ،  فقد أسقطت بنصف أحرفها رهبة الانتفاض والانقضاض على كل سويعاتي الماضية ، اقتربت مني  ولملمت حيرتي، وأشعلت بكبريت صوتها  مخاوفي  ،ووجّهت صوبي رصاصة حلمها الجديد فرفعت يديّ  في سماء حلمها واعلنت لحظة حضر السواد المعلن منذ زمن وأوقعت لحظة  التصويب جميع المآسي واتجهت نحوها مقبّلة رصاصها ومسدّساتها الجميلة وأرخيت سدول الأمان بين يديها  وفي حضرتها طارت كل الأحزان   . خديجة ادريس

وتسألني ......






وتسألني عن  لون دموعي المخضّبة بغيابك وكأنما جرائم الغياب صارت مباحة ،لم تترك لي نهرا أصبّ فيه ما تبقى من ألم ، ولا طردت عني رؤوس الغربان السوداء المعلّقة على عاتق حبّنا ، تراه بعض الحب أن تبيح لعنة الانتحار المستمرلكبريائك وتستبيح فيها جميع قطرات دمك   ..... تراه كيف يكون كلّ الحب وقد أفنيت عمري قطعة قطعة في سبيل أن تظلّ قرب نهر الدمع الذي خلقته لأجلك لتشهد فقط جرائمك معي وتحصي عددها وطوابير مشاعري المقتولة في سبيل شبح اسمه انتظارك .
                                                                                            خديجة ادريس

مواعيد مؤجلة ...... إلى يوم القيامة




أتاها في عزّ صباها   اتاها محمّلا مثقلا بالهدايا وبالمعجزات لينال رضاها أقبل عليها وأدبر في هواها كسائح ممتشق  للبعد لا يرضى في الدنيا سواها يعلّق كل يوم على باب غرفتها ألواحا من حنين  القلب المثقل بنداها ، قالت من فرط الهوى الجميل ضعني شيئا  بين حوائجك ماعاد لي عنك صبرا سأسافر بين أشيائك مبتسمة فقد ماتت من بعدك  كل الجراح و في ضريح النسيان  قد حطّت

خيم الجوع  والعطش المباح ،  محتاجة أنا إليك وجدا تقتلني مسافاتك الطويلة المعلقة كغيمة ممتلئة بالدموع تنتظرني في ليلة باردة كي تحطّ على سرر انتظاري ويمضي بي شراع التعاسة الى قارعة بدون لائحة ترشدني  أيّها الغبار المسرف في سواده تحطّ من غيرما أدب على دفاتري  كنقّار لذاكرة مريضة  بحمىّ الضياع و  قد نقرت ما يكفي من ألم وحفرت ما يكفي من  ندب وطرت بعيدا ما يكفيني  لاستجماع كل هذه الممرات معكك فلعلّها تفيض في نهاية مأساتها لتشقّ لي  مرمرا من الرجوع الى رشد الكتابة والدعابة الموؤودة بروحها فأي جرم  تكتبه الأصابع الكاذبة لتبقي على حوا ف زيفها معجبات أدمنهن الحبر حتى صرن من مداد الشوق ينتظرن حروفا بنصف كعبها المعسول ،  أي  جنون حين يصبح للقسوة قلب يكتب ، تراه بأيّ مداد سيخط من غير دماء لضحايا الخيانة  الأدبية ، وبأي عيون ستقرؤها العقول المحطّمة على صخور تناقضاتك ، فما خلتها يوما سوى كوابيس لمسرحية مملة لا يقف خلفها غير المجانين يصفقون لدهاء  مشهادها  ...ومضت هكذا سنّتي معك ومناسك  العشق صارت مبتذلة في هواك  وسفينتك الموعودة التي بنيتها مع كل لحظة انتظار مثقوبة واهية البدن محطّمة الأفكار لا محرّك يقود جسمها المريض غير نيران من الحقد واوراق مكتوبة  باسم امرأة أخرى  تجلس بيني وبين كذبك  مسرف أنت  في قتلك النرجسي لشعور تبعك حتى النهاية  وآمن بسفينتك رغم ثقبها المفضوح ، فيالها من سخرية جميلة  حين تحمل في كل مغامرة انتحارية  حبرية حقيبة جديدة لامرأة جديدة لعشق جديد لتمثل دورا لا يليق بك فقط لتثري فراغا ما يسكنك ويسكن أوراقك المريضة ، فلا أخال الفاقدين للأشياء يمنحون شيئا غير الهواء ، آلهة للعقاب ربما أكونها فقط لو كنت انسانا  لكنك لست سوى فتات من حجر مبلل بماء الغرور والقسوة  ومواعيدك الغير المؤجلة هي نهايات حقيقية لنساء أدمنتهن لتكتب فقط وحين تنتهي منهن تقتلهن بموعد مؤجّل جدا جدا  وتتركهن معلّقات بعفن الانتظار وكانك صرت الاه للحب الموعود وليس لغيرك آلهة تناطح رعونتك في عنان سماء ليست للعبادة ..... خديجة ادريس

وقفة .... على ضريح انسان




وقفت مبتسمة مستسمحة طابور دموعها وألغت في لهفة مواعيدها مع النسيان جلست قرب الضريح معانقة ترابه وغباره وأنفاسه مدّت يدها وكأن الخوف صار يدا أخرى تبعد أصابعها عنه تحثّها على الرحيل وفضولها  يدفعها  يزيّن لها فعلتها حين تكشف عن وجهه الأكفان وتفتح عنه  كل الأقفال وتلمس يده التي  أغرتها بالخيال  نفضت من على الكتابات المعلّقة فوق رأسه أكاذيبه المقنعة وكأنما تعبث هي بتاريخ الخيبات الانسانية معه   اقتطعت الدمعة  نصف حروفها كعادتها تفعل دائما واختزلت في عينيها نظرة نحو ما مضى كنت هنا تغريني بالمواعيد وتقّلب كيفما شئت ملامح وجهي وتملك في يديك أزرار قلبي وقناعاتي تهزّها كريح مؤقتة غير مهذّبة  يوم التقيتك بدأت مأساتي ويوم تركتني صارت حياتي نقطة فراغ تغزوني كل يوم وانا على موعد معك اهكذا تترك الهدايا معلّقة دون أن تفتحها معي وترتّبها معي وتسكنها  حوضا من الذاكرة في ركن مظلم يتوسّط حيرتي ولا تسال حين ترجع رجوع المهزومين اليّ  كيف فاحت من مياهه رائحة غدرك لم تسألني يوما كيف تعفّنت أحواض دمي التي تسكنها  بغيابك صرت اليوم بين يديّ حفرة سوداء تحدّث نفسها عن عظيم  جرمها لم تسألني عن سكاكينك التي خلّفتها وراءك ولا عن رصاصاتك المصنوعة من عمري أقف الآن منهارة على قبرك وكأنما ودائعك عندي تستسمحني بالغفران تراها تكفيني أعذارك  المعلّبة  وأنا أقف بين يديك كطير مذبوح الرؤى لاسبيل له سوى الوقوف باحثة أنا فيك عن جواب ومنذ عامين لم يفارقني طيفك اللعين بل منذ سنين ها أنا ذا أقف على شتات حبك لا بل  على رفاته أحلب الهواء وللحياة العجفاء أسقيه أقف صرت أنا حيث صارت للبداية نهايات فكل عذر  مرارة أرشفها وكل حرف من أصابعك حقارة تكتبها  وكل نجاح من انجازاتك نكتة جميلة تصنعها اقف بين يديك وكأني خاوية من الرّوح  وسأغادرك وانا مليئة بالأمل فبعض الخونة يستحقون حفرة في الحياة يستقبلها زوّارها كقبلة أو كقبة لعثرة  يعتبر منها كل  المخدوعين فيك هكذا زرتك اليوم وأنا على موعد معك وقد كلّمتك وأنت في عمق حفرتك لأقول لك حيّة ترزق فيّ الحياة ولا تزال وسأترك على حافة قبرك جميع هداياك  وجميع رسائلك الكاذبة فلربما يؤنسك الكذب  والنفاق و الضمير المخذّر وامضي أنا بنصف خيبة  وترقد أنت ها هنا بكامل الخيبات .... إلى رجل يشبه النصف في نفصه  .
                                          خديجة ادريس

ظروف ... ظروف ... ظروف ...



ما أقبحها من أعذار تستلّ سيوفها الوحشية في وجهك لترسم طريقا وجسرا وحفرة وكومة من شوق وانتظار .... أي امرأة قاسية الوجه أحببت ملامحها ورحت ترسمها على خيوط من نور على سفوح من سراب .... وتظلّ أنت خلف نافذة حيّنا ترمق زجاجتي الباردة المغلقة في وجه قلبك المصرّ على اقتحام كل مرايا الوقت التي تسكنني فحطّم كلّ القضايا وكلّ الواجهات المكتوبة لأجل حب يسكن بعيدا يخفق متجاهلا كلّ النوايا ظروف ظروف ظروف .... ما أقبحني و ما أجملها تلك الظروف حين جعلتك أكثر قربا أكثر جنونا أكثر شوقا لمنديل أحلامنا المعلّق تحت شجرة مستحيلنا المرهق فكلّ الأشياء من حولنا تنذرنا بهطول برد الضياع وتظل أنت مؤمنا بي تنتظرني رغم نزول المطر فتقبّل كل مناديل الشوق وكلّ مظلات الحب التي سأغمرك بها يوم ألقاك حين فقط ترقد الظروف وتبقى أنت ....


 خديجة إدريس

الجمعة، 30 سبتمبر 2011

بوح ... بلا صدى


نادرا ما أسمح لأحد بأن يقتحم مملكتي المليئة بالسكون والبرد والمطر،وقلّما تنحني بوابتها الورقيّة في وجه باسم تذوب أمامه كل الكلمات نفتغدو كالبحر الممدود على صدري ، تهزّ كل عروش الزّمن  معلنة عن ميلاد جديد لورقة تسكنني،تنثرها حوافر  فرس جموح يطارد بتأنّ جميع كتاباتي ......
جميلة انا حين يمزجني الدّمع بحرقته، و يقلّبني الوجع بسطوته وتنثرني أنت كما تنثر حروفك على مزارع الورق لتنبت طمعا جميلا شوقا مشمسا  ويدا ممدودة إليك  آه يا صاحب الأسر الدافئ ،   يا صاحب الزّمن الواقف يامن تصاعدت انفاسه ألما ، ألا يكفيك قلبي الممزّق كاوراق خريفية تهزّها برفق نسائم الصمت فاسيل كنهر دامع ، لا تنضبه الا مصابيح الحلم  القادم الا ليت شعري كيف أرسل إليك دمعي وأخفيه ، وانا المصنوعة من ورق ، من ريش طائر ظلّ خلف نوافذ قلبك يغنيّ ويغنيّ ، ولا تزال تلك النافذة مغلقة وأظلّ واقفة خلفها أرسم طريقا نحو مراسي النسيان ، صعب أن اتكلّم وصعب جدا أن أبوح بحبّ كالمطر ،وانت لاتزال فوق الغيوم تراقبني ، تكتب بحبرها اسمي وتخفيه ، فكيف سيفيدني اسمي مادمت معلّقا هناك ،مادمت مختبئا خلف زجاج صمتك البارد المثير للبكاء ، كيف لي أنا على منابر البوح أشتّت اسمك الجميل وأنت هناك  من فوق غيمتك تحاورني 
مرار ا  صفعت على وجهي اليائس ، المعلّق صوب غيمتك ، فتسرّبت آثار تلك الصفعات إلى قلبي ، فصرت أحسّ وكاني قطعة فخاّر باردة تركت في ليلة ممطرة ، فصارت قرعات جبّاتها وكانها سنفونية نحيب متجدّد على حياة أصبحت لا تطاق ، وتكشّفت في مساحة عينيّ سحب أمطرت على خديّ دموعا باتت تقاسمني وسادتي كل ليلة آه ما أقسى أن ترمي رأسك الثقيل بالهموم على فراش صامت تأبى عصافير الفرح رفرفة ستائره وهزّهاا لتعلن لعنة الصمت ولعنة الرّحيل وتلك الساّعة المعلّقة  ما أقبحها في فكري دقاّتها البطيئة المخيفة تتلاعب بمشاعري ، وهذا الحزن الرّمادي الجاثم على قلبي ، كلّها صارت أحداثا مكرّرة في حياتي ، صارت محورا لذكرياتي التي لم تولد قطّ ، ربما تثاءب عليّ الملل بانفاسه فصرت بالعدوى توأمه ، صارت أياّمي كلها متشابهة وكأنّها يوم واحد يتكرّر كمقطوعة موسيقية مملّة انفضّت الآذان من حولها  فصارت تغنّي وحدها مبللة بحزنها هي ووحدتها فما أصعب أن يفقد الانسان رغبته في العيش وحماسه الدّائم نحو الاستمرار في الحياة ،هذه الحياة التي أصبحت ساكنة أمام قدميّ ، وكأن أطرافها المتراخية أصابها كساح الصّمت ، فصرت أمامها كلوح هشّ تتصاعد داخله أنفاس من الكآبة والحزن ، فلا فرق بيني وبين جماد الأرض سوى تلك الرّوح الهائمة داخلي ، وتلك الأنفاس المتصاعدة بملل الباحثة عن شيئ يوقظ مواتها ، كالعقد القديم صرت وكل يوم تنسلّ منه ومني حبّة من لؤلؤه الحزين القابع في ظلمة صندوق قديم  أكلته الأيام .خديجة ادريس

التلة المباركة





بشوقي المقتول أتيت  جاثية الركبتين معلّقة  ناظريّ الى سماء مشقوقة الروح ؛  رفعت يديّ المثقوبتين من حيرتهما  وساءلت عمقها وأنا   جالسة جلوس المهزومين كيف للجرح أن يخلد خلود المدائن العتيقة وتهرم في حضرة أعمدته المنتصبة على قبري ؛ سمائي المشقوقة من وجهها العابس تسكت وتكتفي بنسخ سحبها العليلة  فطعمها  المرير جدا يذيقني علقم البداية الخاطئة  فمع كل قطرة تهبط من وحي سمائها  تدثّرني  بصحائف  من  خواء  استجمعت قلبي المكسور قطعة قطعة لأشكّل به لوحة معدنية لامرأة جديدة تسكنني تشمّع بمزيج ألوانها المباركة من  السماء طيورا مهاجرة الى معابر أخرى تسكنها اعشاش من لوح محظوظ   تعاستي تجلب الحظّ والشوك  والرّحيل  هكذا تخبرني النبوءة الجديدة وهكذا ربما أوحت لي تلك الأعشاش المطلّة علي حافة قبري المعدني أو هكذا ربما يخيّل إليّ هستيرية المنشأ  خريفيّة المولد مجنونة بالوراثة  كورقة مباركة  مبعوثة سقطت في فنجان  متسوّل خطأ  فتناثرت حوله نجوم  الامل صراعا  في وضح نهاره البائس  المائل للسقوط فتحت عينيا المبلّلتين من خلف فنجانه  وأدركت لحظتها أنّ النبوءة قد تحقّقت على عجل فخدود الزّهر الملقاة على عاتقي أورقت وانتشت من عليل الصدفة مدامعا من ورق تراها الزّهور أدركت كما الفنجان البارد المكسور أنيّ على موعد مع القدر فشرنقة البعث قد تآكلت وصرت على بعد خطواتها ألمح صورتي  ياقوتة جديدة أوجدتها زمرّدة من ذكرى تعيسة ولآلئ الجرح وسام استنسخ جهلا طريقه نحو تلّة لم تخلق بعد  ساتربّع على عرشها هذه المرّة تربّع المنتصرين وأداعب عشبها المبارك وأكلّم عصافيرها  الخضراء وأنحت على صخورها إسمي الجديد تحت نخلة الذكريات أدركت عظيم  تعاستي القديمة  فمباركة هي تلك الورقة وذلك الفنجان وتلك التلال وذاك المتسوّل وذلك المنشأ السّاكن في رحم الوريد مباركة هي كل الأشياء من حولي  .............
                                                                 خديجة ادريس 

الثلاثاء، 23 أغسطس 2011

نصف ... مبتور



لم يبق من الوقت الكثير ليتوقف المطر وتستردّ عافيتها هذه السطور فكل شجرة مررنا بها يوما تبارك هذا النفور فلربما فيه تقرع للسعادة طبول فما أشقاها حين أغادرها خلسة هذي الفصول ممتدّة ممدودة على صدري كقطار يمشي مجتهدا عبر مرّ العصور فلا سوف ترضيني أصابعك ولا أحزانك ولا أحلامك المعلّقة للزينة على مشارف القصور فأي شرفة منحوسة هي التي جمعتنا يوما وأغرتنا بالعبور مقطوعة هي كل الطرق أمامنها ممنوعين نحن من السفر والسرور أيها الباحث عني بل أيها الهارب مني توقف قد أنهكت واستنزفت في حضرتي جميع الحلول معلولة أنا صرت فاعذر مجنونة على درب قصيدك يوما مرّت مرور الطيور ولعبت بحبرك حتى ملّت وملّ منها الشعور وآن لصغير حجمها لحقير حرفها لكبير جرمها أن يعود من حيث بدأ نصفه المبتور .. خديجة ادريس

نــــــــــــــــــــــــــــــــــــور


 

أتاني في صورة حلم أبيض وضع صوته الجميل على وسادتي الباكية ؛ وأنا بين الحياة والموت أتقلّب كتفاحة دحرجها السّقوط نحو قاع الغرفة التي احتوت حلمي الجديد الواقف صوب سكرات قلبي الموجوع ؛ مدّ لي يده وكأنّ النّور هو في صورة ظلّ سكن قاعي وأركان غرفتي الباردة ؛ سألته منتحرة وعلى فرش الضّياع استقام عودي المتناثر كريش طائر ماظلّت جناحاه تحملانه الى سماء حبيبته ؛ كل الريش أنا وكل الأجنحة المكسورة أنا وكل الوجع أنا وكل الدّموع أنا وكل الباحثين عن حذفهم أنا وكل المنتظرين أنا وكلّ المحطّات المهجورة أنا وكلّ الصمت أنا وعلى ذكر ملك الموت هذا مددت أحلامي المنهكة وضممتها ضمّة قلق ؛ وسألته من رأس الجرح الممدود قربي تراك جئتني لتسرق أحلامي الجاثية على نوافذ الموت ؛ تراك جئتني في توب النّور لتغريني بالحياة أراك ما مددت نحوي يداك تراهما من نسج الوهم هما ...أم أنّي صرت أتوهّم حضورك وغيابك وكأنّك مبرمج على الترحال المستمر؛ عدّلت من جلستي وتركت ذات الوجع وجعي وفتحت عينيّ النائمتين وشحذتهما بآخر نظرة حيّة و شحنت من الأسئلة ما يكفيني لأبقى أكبر قدر من الحضور ووجدت ذات اليد قربي ممدودة كعنقود مبتسم الوجنتين حبيباته المغرية بالأمل تناديني وأنا المكسورة بجرحها المسموم ؛ كيف له بل كيف لي أن أمدّ لك يديّ المليئتين بالكدمات ؛ كيف لي أن أمدّ لك جسرا مهدوم ؛ جسما محموم ؛ قلبا آول للسقوط ؛ كيف لي أن أقطف وأنا المقطوفة كيف لي أن أقطع شوطا نحوك وأنا المقطوعة من قلب الجذور
وانطفأت دمعتها المحمومة بلهيب شوقها ووزّعت بين فرش الضياع ابتسامتها وتقلّبت كأنّما مستعدة هي للرحيل بين ذكرياتها أفق الحلم المعلّق على جذر قلبها صار يتساقط كورقة من فسيفساء جوعها تحلّلت في تربة مليئة بالحشرات ومدّت يدها لتنتشل بعضها المنثور وكانها مدّت كفنها ليستقبل خيبتها جرحها صداعها قرحتها مغص الندم فكلّها نهايات مؤلمة مسكّنات لبداية واحدة أخطات المسير أيّها النور الجميل علّك أخطأت الغرفة أطالب يدي المعتمة المرهقة ..... أرى نورك القريب ينطفئ في حضرة الستائر الماضية يتذبذب منتشيا مصباحي النائم وكل شموعي الذائبة تراك حقا أخطأت عنواني الذي لم يعد في الخدمة أم أنك مجرّد وهم أخطأته فوضى النعاس التي صارت عنواني الجديد ..... 

                                                                        خديجة ادريس

مدينة النور .... مدينة الفرح والسرور


دخلت حياتي دخول الفاتحين عنوة ووجدت في حزنها وصمتها وغموضها ما استهوى حزني وقلمي ... قالت لي معجبة انا بما تكتبين فقلت لها من أين لك تعرفين نسياني المرير قالت لي بمحض الصدفة أحببتك وعشقت كل كتاباتك فقلت لها فلنجعل من جرحنا جرحا واحدا ألما واحدا دمعة واحدة ... وصرنا صديقتين مع أني لا ازال أراها بعيدة عني ترفض الحديث عن جرحها قالت لي محجوبة أنا عن الكلام الى الأبد ومع اني فضولية بطبعي احترمت رغبتها وتركتها على راحة صمتها غير انها تسلّمني كل ليلة يعانق فيها القمر ضراع السماء كتابات وما أجملها من كتابات معتّقة بالحزن والبكاء وهذا النص محاولة منها ومني للتخلّص من نواح البكاء ولو لمرة واحدة هي تقول أول مرة سأكتب عن الفرح وكذلك قلت أنا هي تقول تراني سأنجح وأنا كذلك أقول ترانا سننجح فتقبلوا مرورها الصامت الذي يبدع أول مرة في وصف رحلتها الى مدينة الفرح والسرور وكذلك أنا فكان امتزاج نصّينا محاولة لهزيمة شيئ بداخلنا فلعلّها بهذه الطريقة تثق من جديد بان الحياة لا تزال بخير فهذه أول مرّة في حياتي وحياتها على حدّ قولها نجرّب الكتابة بقلم أبيض تغزوه الضحكات التي قد تولد من جديد فتقبلوا مروري أنا نسيان { خديجة ادريس } وهي {دفى الروح } مريم صديقتي اتي ولدت حديثا من رحم النسيان هي وصفت رحلتها الى مدينة النور وانا وصفت الابتسامة أميرة مدينة الفرح والسرور فتقبلوا منا هذا المرور
مدينة ..... النور مدينة الفرح والسرور
أدكر ذات ليلة محدّثة نفسي الحالمة الانسلاخ من حزني فقد مللت أنا ديار النائمين الباردة وكانهم من فرط التّعاسة يفرشون الأسى ويتوسّدون اليأس ويلتحفون الحزن ويستسلمون لبلاط من ثلج وجرح وقرح
رحت امشي مختلسة الخطى وكان الخطى ذاتها تجتثني من تحت أتربة الفضول الباحث عن متعة الشفاء لتقذفني في روعة البقاء نحو ديار الحزن تلك الممدودة على جسر الألم وخارج أسوارها ارتديت حزني على عجل وكانه كتابي المقدّس أحمله على اكفّ الرعاية وانتعلت حذاء اللعنة في رجلي غير آبهة لما قد يحلّ بي
واختبأت من سهام العيون التي تترصّد طريقي مع كل خطوة كنت أخطوها وكأن انفاسي المتقطّعة رهبة صارت تكبس علىنفق الحزن الذي يسكنني ويسكن قدمايا وكاني به أسمع أنينه مستجديا عطفي ويحثّني على الرجوع الى عتمة بيتي
وكأنه يصرخ متعمدا ليوقض النائمين من حولي فتسارعت خطايا الجريئتين وكأنهما تلبسان جلدته لاول مرة ولم أنتبه لأغصان الحزن التي تعرقل حركاتي بخدوش وجراح وعويل وصراخ ودون أن انتبه صرت عند عتبة مدينتي المظلمة مدرجة بالجراح فاخرجت غير مصدّقة تاشيرة عبوري منها معلنة غربتي الأبدية عنها وعن نفسي مودعة حزني المخلوع عن عرشه المستبّد فاحسست لوهلة انني لست سقيمة ولا عليلة فطلقت على غير رجعة الأسى وكل مساءات النواح غير ان الفزع ما طلّقني لحظة ولا تخلّصت من نعله الذي أوصلني الى عتبة النور
تراني سأكفر بطبيعته واتركه خلفي كما تركت مدينة بيتي الموحش وكل جيران حزني وعذابي
تكلّمني عتبة النور تلك مستقبلة خسائري وجميع انتصاراتي وتستهويني للتقدّم اكثر فاكثر لألمس ولو للحظة ضباب مدينتي الجديدة التي كان مكتوبا عليها حللت أهلا وطبت سهلا فوقفت مفزوعة الرؤى وانا لم أحظ بعد بتأشيرة عبوري نحو تلك المدينة وكاني ما بين الجنة والنار كأصحاب الاعراف المعلّقين بآمالهم وكأني صرت فجاة بدون وطن بدون حزن بدون نور فكيف أحيى إذن ؟ تابعت طريقي نحو بوابتها الجميلة المعتّقة برائحة الحياة ولا يزال حذاء الحزن ينتعلني وكأنه صار يضيق علي اكثر فأكثر كلما اقتربت خطوة وتجلّت لي اخيرا مدينة النور واستوقفتني أسوارها وكأني حلم مشبوه استاذنت حاجبها للدخول بخوف وتردّد كبيرين لأني لا أملك تأشيرة غير جسدي الحالم لأعبر به حيث يقيم معشر المبتسمين فاجابني مقاطعا فضول ما يجري خلف الباب لا عليك أن تخلعي حذاء البكاء هذا وترميه بعيدا ففرحت وابتسمت أخيرا وخلعته منتقمة منه ومن كل الذين مرواّ مستسلمين لأحزانهم فانا لا احتاج الآن لاذن كي أبتسم فكلها بدون تأشيرة يا صديقتي الفرحة يا خليلة الجديدة أشرقت شمس الابتسامات وانجلى عني الليل المقيت دخلت مهلّلة مبتسمة الجوارح والجوانح وتركت خلفي حذائي وجميع ماساتي خارج أسوار المدينة لصقيع النسيان ولبرد المصير فقد تخلّصت من بقايا الحزن المخلوع من عرش مملكتي المطمئنة لفرحها الجديد ........فما اجملها من ساحرة تلك الابتسامة التي صارت حسناء تمشي بين طرقات المدينة وقفت قربها علّ عدواها تنتقل إليّ بمجرد النظر ....... ورحت أخاطبها أتغزّل بها مسمعة كل الحضور
كالسكّر أنت ذاب في فمي محتواها وأشرقت بمذاقها الحلو ملامحي فزاد حلاها مقلتاها كعصفورين أبيضين يغتسلان على شرفة مداها تزورني في خلسة و كأنما خلقت هي لتسافر في عمق الوجع خطاها ما أجملها من ابتسامة كأميرة من تحت عرشها ترتشف الذكريات طيب نداها وأظل انا أقاطع جماهيرها وعشاقها وكلّ من مروّا على حافة رضاها أقاطع دوما أنا طوابيرها الطويلة لأحضى فقط برشّة سرور تغمرني مقلتاها مخادعة جدا هي حدّ الاحتراف كيف لها من طفلة تغرينا بسحر طلسمها بسهولة مقصدها بعمق مهربها بضبابية مرسمها بخيو ط ثوانيها تورّمت قدمايا أميرتي وليست ترضيني الدقائق الخاطفة منك كيف لها بل كيف لي أن أبرأ أنا ان لم تكوني بقربي أياما تضحكينني بلياليها شقيّة أنت مغرورة متعالية جدا حين تزورينني وكأنّك على موعد غرامي جديد لعاشق جديد تكدّسينه في علبتك الوردية متناسية أجسادا بسحرك انتحرت أمانيها تراه كم عدد ضحاياك القتلى في محطّات العطش كم عدد المعلولين بابتساماتهم المنتصبة في انتظار اشراقة منك تحرق كروم الشوق بروابيها كالبرق تلبسين وجوهنا اليابسة كعاصفة خاطفة تنتزعيننا فرحا وتمضين حاملة سرّنا في حقيبتك وكأنما جنيّة أنت في صورة ابتسامة فما دهاها تظل أقلامنا ورواياتنا وحتى عصافير جوعنا وفراشات أحلامنا تطاردك وهما ويقينا ................. مادهاها كل المسافات التي قطعتها في سبيل مدينتك الجديدة فلولاك ما تركت أهلي ما خلعت حزني لولاك انت ما وصلت هاهنا باحثة عنك فاغمريني ساحرتي بمزيد من سحر الامل وجرعات الحلم فقد اكتفيت من الترحال اكتفيت وقد ثملت من البحث عنك ثملت وقد سكبت ما في جعبتي من قوة وانثنيت فزوريني أقبلي علي كلّ صباح كعصفورة تهزّين عرشي الجديد أراك تتقمّسين كل أدوار الدنيا فامنحيني طمئنينة الحلم وأشربيني كؤوس النور الذي تحملين فقد قطعت ما يكفي في سبيلك من جهد ويقين ......

 خديجة ادريس + مريم فتح الله 

أبجدية الخوف


ألف باء تاء ... واضحة جدا أبجدية الخوف عندك والضاء والظاد والطاء ورطة رائعة تشدّني هاؤها نحو الهروب منك ونحوك وحولك فكاف الكلم المسجون مستعدّة للتجنيد بأسلحة مدجّجة بالنقاط والفواصل والاستفهامات ومطاّت للطوارئ كمحطات لاستراحتي منك حين أنهي كتابتك فجيم الوجع ولام الامبالاة تستفزّ غاء الغيرة عندي ونون الوسط جنون مستديم مطبوع الجبهة كقامة سنبلة مشاكسة خربشت صفاء السين المستبدّة في حبك كقطعة سرور مشدودة نحو بساتينك وبدايتها نار للحرف احترقت قافها فافترقت نقطتاها الملتصقتين المتشاجرتين على قلبك المنشود فصارت فاء للتأفّف المنبوذ في حرب لا تخطيط فيها سوى للفوضى وعين جوعها مدافع للشوق تدفّقت أسماء لمبتدئ الحب ولخبره المستتر تقديره أنا وفقط وهاؤك العرجاء المتّكئة على واو الذكورة في تقدير ضميرك الغائب دائما عن الاعراب .وتظلّ شين الشوق وعين الميم وسطوة التأنيت تغزو شعور شعرك من كاف هزيمته الأخيرة تكبر في غينك غربة ملعونة هتكت أنس الحرف في سكينته كببغاء مجنونة تردّد أحرفا تسطّرها يد خفيّة تكلّمني من خلف الضمير الحاضر وهي من عمق قفصها قد لقّنتك أبجدية أحرفها المتسرّبة كصنبور للتساؤلات عن نهاية لكارثة حبرية قد تغرق من وراء رائها رواية من حاء الحب سطّرت نهايتها ومن جيم الجرح انتفضت و انطفأت بين ذال الذلّ ودال الدين المقيت لكسر زجاجة من زينتها المتباهية تنام تحتها أتربة من عظام زيفك الباهت الباحث عن نصرة من أحرف صحرائي الهالكة ومن أنصاف الكلمات المدرجة ضمن قائمة الممنوعين من السفر خارج أطر البياض ألف باء تاء تلك أحرف لجواز المنفى الموثّق للنسيان في بلدية الذاكرة الممسوحة التابعة لمدينة الخارجين عن قانون الموت الواحد للحرف الواحد .........للقضية الواحدة .    
                                                              خديجة ادريس

جريمة ... من ورق


للخسارة طعم جميل في حياتنا ان لم تقتل فيك حرارة المحاولة من جديد ولربما تقوّي فيك عزيمة فاشلة استجمعت قواها حين أدركت أن لا شيئ مستحيل ممتنع بل كل شيئ يسهل ادراكه ان سهلت في أعيننا الحالمة امتطاءه تراه الحب أيضا لاشيئ مستحيل فيه فلا أخالني أستطيع أن أحوّل جميع خساراته الى انتصارات في فترة قصيرة تسارعت فيها الخيبات وتراكمت حتى انفجرت من بين أصابعي كل أسراره فصرت أبوح دون وعي عن مكنونات منسية غمرتها الدموع بالنسيان والطيّ المستمر تحت أدراج ليست للنشر فمذنبة هي جميع الكتب العاطفية ومذنبون هم كل الشعراء الميتين على يدي محابرها وبريئة هي وحدها كل الجرارالفارغة من أحلامها فالحب في اعتقادي أو هكذا يخيّل إلي أسطورة جميلة لكن ميّتة ومسلوبة من جميع طقوسها وتعاويذها فلم اذن توهمنا الأصابع الفلسفية والشعرية وحتى المجنونة بصلاحيتها أليس الحديث عن الحب جريمة قيد التفيذ تحاسب عليها قبل أن ترتكبها ولربما تسجنك كل قوانين الدنيا فقط لأنك فكّرت في ارتكابها صرت أخاف أن أفكّر في الحب وانا في طريقي الى المكتبة المجاورة لخيباتي وكل اشارات الطرق الملتوية هنا وهناك تحذّرني من عقبى القراءة فلربما صارت القراءة عن الحب أيضا جريمة مبتكرة لتستعرض العقول المنفوخة عضلاتها وفكرها المحدود المتوقف تماما عن التفكير وأمضي رغم أنفها شبه مستسلمة تعيقني خطواتي وتستفزّني كل أفكاري والكتب الممنوعة بين يدي غير آبهة بمصيري ان أنا فضحتني حمى المعرفة وأي معرفة ستفيدني بعد الفشل في كل شيئ تراك كنت جريمتي الأولى التي ارتكبتها وأنا أقرأ وقتلتك بأصابعي وشيّعتك مبتسمة وكأني ما عدت أميّز بين الحياة والموت تراها خساراتي سيكون لها طعما حتى بدون حرارة ابتلعني الحزن لحظة فقدت الاحساس بالورق ورميت بكل الكتب الكاذبة ولعنت لسانها المعسول واتكأت على جدران مكتبتي وحاورت بحرقة جهلها وفقرها وحاجتها الملحّة للتغيير فلربما ما اكتمل نصاب معرفتي وإني لأخالني أزداد جهلا كلما عانقت حرفا موزون فبأي لغة ستكتب أصابعي القاتلة حين أدركت أن الكتابة عن الحب اعتراف خطيّ بجريمة ارتكبتها في حقك وفي حق كل الكتب التي لم أعرف كيف أحاورها لأجل حبك ....فكل ما قرأته ما وجدته قط في حياتي ما وجدت نصرا لحبيبين أكلهما المجتمع بنظراته ولا تقبّلت موت أحدهما تضحية للآخر ولا استوعبت كيف ينتصر حبّهما دون صراع وعقدة ولا حتى النهايات تشبهني في قصّتي المعلولة الباحثة عن نهاية جميلة برجل واحدة تراها القراءات تختلف ليختلف المصير أم أن المصير هو من يقودنا في النهاية لقراءة ما يناسب عباءة سطوته فأي دور سيليق بي بعد أن قتلت جهلا من أحب تراني سأقبل بدور ضحية قراءة عن سبق الاسرار والترصد في جريمة متّهمها الأول قارورة مداد مجنونة مرفوع عنها القلم .
                                       خديجة ادريس

رجل ... من حفر




أليس كأسك الثمل مثيرا للشفقة تمشي متمايلا به كشجرة اشتثّتها السماء من أخمص قدميها فلطالما كنت تهوى العيش بين حفر من كذب ولكم هي مليئة ذاكرتك بالحفر تراودني في تعثّراتك العشقية أسئلة من ماء ووحدها كراساتك القديمة تحدّثني عنك وعن معاطف الشتاء التي كنت تلبسها للقائي في يوم معزول دون شمس مستعدا كنت دائما للفّ ابتسامتي بمنديل تخرجه من جيبك عنوة وكأنما مناديلك الورقية كلها قد وزّعتها على دموع كل النساء ألست اليوم تبدو منحني القامة كنخلة استنزفت الأيادي كل ثمارها فانحنت مستسلمة لآخر يد تقطف ثمرها المذموم مخمورا كنت دائما في محبّتي لا تغادرك كؤوس اللعب والعبث قد تركت لي يوم التقينا وعودا على كرسي طالما انتظرتك فيه كنت تأتي دائما متأخرا وكأنك رجل أعمال لاتخلو مفكرته اليومية من صفقات عشق جديدة ولا حتى من اجتماعات تعقدها في طريقك آتيا اليا وقحا في حبك المسكون بجنيّة ممسوسة تحرّكك كيفما شاءت بخيطانها المنسوجة حول عنقك وأبخرة من الأكاذيب المحترفة تنفخها في وجه قسوتك كي يظل قناعك الجميل في كامل أناقته فمن الرجولة المنفوخة هباء أن تتسلّى بوعود لا تستطيع مشاعرك المعلّبة الوفاء بها فبأي صابونة تعوّدت على غسل وجهك البغيض فرائحته المعفّنة بالنفاق قد خنقتني وأسكنتني في حفرة مظلمة وكانما بدت لي كغرفة نومك التي كنت تحدّثني عنها يتوسّطها الفراغ ويزيّنها الظلام خالية هي من إنارة ترشدني الى مكانك المنزوع الجذور وكأنما مستعد انت دائما للسفر بين محطات مجهولة لا قطار فيها غير أفكاري التي تلاحقك أينما ذهبت فملعونة هي إذن كلّ مشاعري التي كبرت فيك وبك ومعك ملعونة حتى الموت أوردتي المتعلّقة بمعطفك الشتوي كنت هاهنا تمدّ لي جميع أنفاسك دون خوف كي أتسلّق بها كفقاعة ناعمة الملمس عنان الأشياء من حولي كنت أرى فيك نفسي أرى الشمس بوضوح معك غير أن الشمس ماعادت نفسها تلك التي كنا نراها معا ماعادت تسلّيني أنفاسك العليلة ماعادت غربتك تستفزّ أشواقي إليك ماعاد حضورك يحدث فارقا طالما صرت السيف الذي يشقّ صدري المتعب من كثرة الانتظار فأي الرجال أنت .... إن لم تكن وليد الحفر.
                                                              خديجة ادريس

حرف .... مجروح





يسرّني جدا العبث بأصابعك المشبّعة بالبارود فرصاصة الحرف المجروح بشوقه تشقّ لي نحوك ألف طريق مسدود ولكم أرهقتني محابرك الغرقى  بالنعاس الموؤود فمشدودة أنا بشدّة لخنق عصفورتك الصغيرة المزروعة بين كتفيك كيف لها من شيطانة  تجيد الرقص على وقع هزائمي  مضرّة هي حدّ الألم تنفخ من تحت أصابعك شرورها وتزيد وتشعل فتيلا لدمى كنت تراقصها يوما بين أوراقك بلا مواعيد فمسلوبة هي الأحلام  مالم تكن مختومة بمداد حبرك المسلّي تراه كيف سيكون كلّ الحب مالم أضيّع فيك ثمرات عشقي كلّها وتصدّقت بها عند قارعة من جليد أيّها المعتوه الوسيم ما عادت تقنعني حروفك المكفّنة بالوريد  ولا صوتك المتقطّع كسرب حمام في مخيّلتي صار يضيع  بين أرجاء كفني المنسوج برائحة الموت الشهيّ جدا في انتظار فاكهتك التي لم تنضج بعد خريفي الملمس صرت كعود ثقاب مبلول كسيجارة تدخّن الهواء وتسحبه في لهفة لاقتناص نشوة الشهيق الاخير أي ماء ملعون  ستكتب به ما لم يكن مصنوعا من دموعي وأي شرف محمود ستناله شياطينك الشعرية مالم تكن من وحي سحري فسحقا لها من سلّة مهملات وفيّة ظلّت تذكّرني بك ترتّب حذاءك المنهك وقميصك المعتّق بالهروب ونظاراتك الشمسية الجائعة وتنفض الغبار عن وجهها فسحقا لها من ذاكرة وفيّة تنتظر صاحبها محمّلا بالوعود مبلّلا بالذنوب فكلّ اللقاءات من بعدك باردة شاحبة وكل الحروف من بعدك مكفّنة ميّتة وكلّ الأخبار من بعدك ستكون هيّنة مضحكة مسلّية فليس بعد صدمتي بك مرض جديد ولا دواء بعدك سيفيذ يسلّيني  جدا قتل شيطانتك الفاتنة ولن تقنعني بمزيد من البكاء على حائط مهدوم تسلّقت أحلامنا عليه وتشبثت ببريق النجوم سأرفض أبدا انتعال اليأس فماكان حذائي يوما ولا سيكون وإن كان في بعض قسوتك دم فليعترف بما أحدثته فناجينه الورقية يوما من زوبعة مغرورة حرّكت دونما إرادة  سكّري و وزلزلت مائدتي المعلولة بالأنين سيسرّني جدا موتك عندي ولو بألف ألف غريق في بحر الحماقة الممزوجة بحرقة الوداع.       خديجة ادريس