الجمعة، 4 أكتوبر 2013

سيّدة السّمك الحائرة



ما ضرّها في تزاحم أحرفي تشكو ثرثرتها الأنيقة ... وتقلّب في لحظة غضب ملامحها فتعلق فجأة في شبّاك صيدها المثقوب ... ألست سيّدة السّمك الأولى التي لا حرفة لها غير الصّيد في المياه العكرة .. تمشي خلف روحها ساعية في خلاصها ، وكأنّها على موعد مع طعم جديد .... يرسّخ خساراتها السّابقة لتقتنع أنّ العبث مع الكبار له ثمن
... تهزّ دخيرتها المعتادة وتنفث في استحياء ما تبقّى فيها من دخّان ، وترمي شبكتها المكتئبة علّها تطرد النّحس الذي يلاحقها كمن يطارد ظلّه في ورقة .... ويمضي الوقت ثقيلا ... وترقص الشّمس فوق رأسها وهي على حالها تنتظر ... لا همّ لها غير الانتظار ... حتّى تهتزّ الشبكة وتطعمها من حليبها أملا مرجوا ... ما أوجع الرّغبة في تزاحمها ولا أنيس لها غير الرّفض كعود ثقاب أشعله الحقد فأحرق قلبه وانتهى ... هي هكذا نهايات بعض النّفوس المليئة بالحفر لا غنيمة لها غير مقتنيات قديمة رماها البحر لأناس مرّوا من هنا أو هناك ... وكأنّ قدرها كان ... في اصطياد مخلّفات بعض البشر .... فياليتها استوعبت الدٍّرس وألجمت فم النّحس .... وكما تقول في كلّ مرّة تصوّب فيها شبكتها ... "الحوت قادم " فعلا " النّعل قادم " 


                          خديجة ادريس

* حــــــــــــــسنا *


عقدت قرانها على الموت .... بعد أن طبعت قبلة على جبين الذكريات وسلّمتها لحبيبها في رسالة مختومة بالوجع ....تذكّره فيها بموعدهما المقبل ، وكأنّها تستغفل القدر في ثوبه الأبيض ... تسرق اللّحظات السّعيدة من فم الأيام .وتدّخرها ليومها الموعود غير أنّ الموت تعجّل في موعده وأخذ معه كلّ شيء ... حتّى حقيبة أمنياتها التي ابتلعها ملح الإنتظار ... ولم يبق سوى اسمها البارد تردّده الألسن وتجهضه القلوب عنوة وكانّه إعلان رفض عن رحيل غير معلن ... وعقد لم يصادق عليه االمحبّون بعد ...

إلى روحك الطيّبة يا حسنا أدعو الله أن تكوني من حسناوات الجنّة وحورها 
                    خديجة ادريس

وصيفة من نوع آخر


من بدأ المأساة .... ينهيها 

3 _ ليتنا نقدّم الحياة ... لمن كان لنا الحياة . ونؤجّل مواعيدنا مع السّفر الأخير ... علّنا نشفي غليل أطياف مرّت بقربنا .. وهمست طويلا حتّى نزفت والتأمت ... كمن دسّ جرحه في التّراب وأجهش بالبكاء ... واقفا يذرّ رذاذه في الرّماد وكأنّه على موعد مع خيبة .. مع آلة تصنع الحزن وتمضغه ... تبعثه على شكل بريد قاتل ..خشبيّة العواطف في زحفها نحوه ، تمارس شغفها به مكدّسة الأحلام ، معلّبة الرّؤى ، ينتظرها الفراغ في هيئة فارس على حصان ورقي أحدب ... شرسة حدّ الجرح في كلماتها ، تمدّ للقتل يدا وتفتح للإنتقام أفواها تعلك الكذب ... فكيف تدسّ سمّها وتسلم للجحر نفسها ... فارّة منّي كهرّة مذعورة اختبأت خلف صوتها ... من شدّة الذّعر تهاب ذيلها ..... كم من وقت ستظلّ عواطفنا في النقطة المفرغة ، مكمّمة ... تملؤني الدّهشة حين يأتيني السّباب في ثوب المدح .. متعلّقا بأعناق الزّهر متعطّرا في شتمه يطالبني بالوصل .. وخلفه عين مليئة بالنّار تدسّ خناجرها ... كلماتها المفخّخة ألا تزال تتشذّق ببقايا أحرف يرضعها الهوان ببطء ، وكأنّها تنزف الحكمة في يوم غابت فيه الشّمس ... لتطفئ ألما مضى .. حرقة ما لا تزال مشتعلة في ركن من قلبها الموجوع بالزّمن.. يطاوعها الوهم حينا .. ويزكّيها الحلم وصيفة للفشل... في غياب المنصّة الشّرفيّة التي ستقف عليها عارية من نفسها ومليئة بالحقد .... 
                          خديجة ادريس