الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

انتفاضة .... ضدّ الزجاج



صرت أشرب دمعك كلّ صباح وكأن كل فناجين القهوة صارت ضديّ ومعك في سير انتفاضتها ضد الوضوح ، تراها معارك البياض والصفاء قد انتهى عهدها يوم التقيتك ، فصارت كل الطرق التي ترشدني اليك حالكة السواد خيوطها ، شوارعها ، تتشابك تتباعد تتناثر فقط كي لا أصل إليك ، فأي انبجاس هذا لمحارة ضياعي ، كلّما أدركت أني وصلت وأكملت في هواك خاريطة الوقت ، تعيدني من حيث بدأت مهمّة البحث عنك ، وكأنك تشتّتني عمدا ، تحرّكني عمدا فوق طاولة الاحتمالات والتوقعات ، متى صرت احتمالا يلفظ أكثر من جرح ومعنى مستعصي النّواح ، بين يديك صرت كالطفلة يسكنني أكثر من زورق ، واكثر من لعبة ، فقط لو تدرك أني من زجاج مرهف لبقيت تنفض عنيّ كل غبار وكل ضياع وكل دمع يشوّه لوحتي الجميلة التي أخطتها باتقان ، وساعدتك في ذلك كل الألوان التي تسكنني ، فتمهّل من فضلك وتذكّر اني من زجاج فلا تكسرني بحروفك التي ترشقني بها من فوق غيمة ضياعك وكأنما كل الأطفال ساروا في انتفاضة ضد الزجاج ..... فلاتكن من فضلك زعيم أحجارهم وطوبهم ففعلا صرت تقتلني جزءا جزءا وكأني لا أستحق الموت الاّ بهذه الطريقة ........
خديجة ادريس

السبت، 8 أكتوبر 2011

صباح .... الورد









صباح الورد المنتشي عطرا تسللّ شقاوة الى غرفة نومك وهكذا ربما تسللت أنا أيضا لننفض الغبار عن صحّتك ونطرد عنها لون الألم جلست وورودي مقابلة وجهك النائم فاذا بها تتكشّف عندي كل ّ أحلامك فأراقب باهتمام تفاصيل حلمك وأنت ممدّد الروح كريشة جميلة أعياها الانتظار والسقم ابتسمت وخطر ببالي أن أقتحم غرفة عقلك عنوة وأحتلّ كل جزء فيها غير ان عطر الورد المرشوش حولك أيقض أنفك الجميل فعدلت عن الفكرة ونظرت صوب النافذة التي تنقل اليك كل أخباري وتحرّكاتي وهاجمت صفاءها ووضوحها الذي أحببته وكأني أستنطقها غيرة لاهتمامك بها أكثر مني في فترة انتكاستك الصحيّة كما أني احببت روحك الملتصقة بعبيرها فكم تزداد جمالا حين تصبح طفلا في حضرتي ...تتذمّر من حلاوة الوجع وتمسك بيدي كلّما قبّلتك الحمى ونثرت هلوستها على مفكرتك كي تظلّ مستيقضا مستنجدا بي .... استدرت حول الغرفة وتاملتها ونقّبت عن آثار لامرأة غيري سبقتني لكني اكتشفت أني الأولى باقتحاماتي فاخذت الورد من على سريرك البارد حتى لا ترسم عليه شوقك واعجابك به أكثر مني وأنت لا تزال بين الحلم واليقضة تنظر اليّ وكأنك لم تعد تفرّق ان كنت حقيقة أو مجرّد حلم قاسمتك ايّاه قبل برهة هكذا ربما سأزورك دائما بعطر الحب وزهر الشوق وعنفوان الاقتحام وشوك الاكتشاف والترقّب والتنقيب


خديجة ادريس

الجمعة، 7 أكتوبر 2011

زورق ... من ورق



استلّ سيفه  وأعلن صمته ... فبكت  لغة الشوق بيننا معلنة انتحارها في لفافات الحلوى المتناثرة الفارغة من سكّرها   ويظلّ  زورقك الصغير الذي يسكنني كطفل   شاركته  اللّعب  يوم العيد  عند ضفّة من زجاج وحرير فقاسمتني طفولته  ملعقتها الّضجرة  ورحلة مجانيّة في زورقه الورقي فما أشقاها تلك الأصابع التي تكتبني  تجرّني عنوة خلف آثار أقدامك الشقيّة كينبوع متحجّر الآفاق يطرق أبواب أوراقي منتفضا مناشدا أحجاري الساكنة في عمقك  للمسير في موكب التقدير لامرأة تسكنني فما أقواها  و ما أقساها حين تتبلل تلك الزوارق في منتصف الطريق وتتمدّد كطائر أرهقته المياه الباردة فكم ستحتاج من زوارق لتغرق كلّ النساء اللواتي يسكنّني يحشرن أنوفهن  ويشاركنني أصابعي فما أشقاك وما أحلاها تلك الأقنعة الجاثمة في صدري متحدّية منطقك الثابت في جميع الأمكنة لتحاصر قلبك وتقنعه بجميع النساء اللواتي يسكنّني لحظة انتفاضة ....... لموعد لم يات بعد على زورق من ورق .    
خديجة ادريس

السبت، 1 أكتوبر 2011

سطوة .... الرّيم




وابتسمت في عقر ثغرها الأحلام  ناولتني حروفها  و هي متّجهة صوب دمعتي رمقتها بنظرة صمت ورمقتني فارتعدت  بحضني منهزمة واختفت تلك الدمعة الشقيّة في حضرة خطواتها المسترسلة صوبي كنافورة هادئة نسائمها المغرية تطيح بملامح العبوس في وجهي لتعلن عن ميلاد لملامح جديدة تتربّع على تقاسيم وجهي المستسلمة للتغيير في حضرتها وأضحت تلك الدمعة بين أصابعها ملتصقة تأبى الاستسلام فسحقتها بمنديل على طاولة قربي وجثمت على صدري مبتسمة الثغر في عقر هزيمتي شدّت عنقي وأرخت أصابعها مقبلة مدبرة وكأنّ الدواء هي وهمست في أذنيّ المستسلمتين لنسيم عبيرها فتطايرت بهمسها أسراب الوجع ورفرفت أحرفها حولي كزخاّت معتّقة بانفاسها الجديدة قالت لي بئس الدم جرحك وبئس الجرح دمعك وبئس الدمع عطرك وبئس العطر حزنك وبئس الحزن حزنك  أوقفت غضبها للحظة، وتوقفت في صوتها محطة الكلام حين أدركت أنّ اليقظة من على عرشي جبهتي قد استفاقت أخيرا ،استقمت على اثر هزّتها وانتصبت قرب نافذة ألمي واستدرت نحوها وكأن الجرح استدار خوفا من لهيب كلماتها ،  فقد أسقطت بنصف أحرفها رهبة الانتفاض والانقضاض على كل سويعاتي الماضية ، اقتربت مني  ولملمت حيرتي، وأشعلت بكبريت صوتها  مخاوفي  ،ووجّهت صوبي رصاصة حلمها الجديد فرفعت يديّ  في سماء حلمها واعلنت لحظة حضر السواد المعلن منذ زمن وأوقعت لحظة  التصويب جميع المآسي واتجهت نحوها مقبّلة رصاصها ومسدّساتها الجميلة وأرخيت سدول الأمان بين يديها  وفي حضرتها طارت كل الأحزان   . خديجة ادريس

وتسألني ......






وتسألني عن  لون دموعي المخضّبة بغيابك وكأنما جرائم الغياب صارت مباحة ،لم تترك لي نهرا أصبّ فيه ما تبقى من ألم ، ولا طردت عني رؤوس الغربان السوداء المعلّقة على عاتق حبّنا ، تراه بعض الحب أن تبيح لعنة الانتحار المستمرلكبريائك وتستبيح فيها جميع قطرات دمك   ..... تراه كيف يكون كلّ الحب وقد أفنيت عمري قطعة قطعة في سبيل أن تظلّ قرب نهر الدمع الذي خلقته لأجلك لتشهد فقط جرائمك معي وتحصي عددها وطوابير مشاعري المقتولة في سبيل شبح اسمه انتظارك .
                                                                                            خديجة ادريس

مواعيد مؤجلة ...... إلى يوم القيامة




أتاها في عزّ صباها   اتاها محمّلا مثقلا بالهدايا وبالمعجزات لينال رضاها أقبل عليها وأدبر في هواها كسائح ممتشق  للبعد لا يرضى في الدنيا سواها يعلّق كل يوم على باب غرفتها ألواحا من حنين  القلب المثقل بنداها ، قالت من فرط الهوى الجميل ضعني شيئا  بين حوائجك ماعاد لي عنك صبرا سأسافر بين أشيائك مبتسمة فقد ماتت من بعدك  كل الجراح و في ضريح النسيان  قد حطّت

خيم الجوع  والعطش المباح ،  محتاجة أنا إليك وجدا تقتلني مسافاتك الطويلة المعلقة كغيمة ممتلئة بالدموع تنتظرني في ليلة باردة كي تحطّ على سرر انتظاري ويمضي بي شراع التعاسة الى قارعة بدون لائحة ترشدني  أيّها الغبار المسرف في سواده تحطّ من غيرما أدب على دفاتري  كنقّار لذاكرة مريضة  بحمىّ الضياع و  قد نقرت ما يكفي من ألم وحفرت ما يكفي من  ندب وطرت بعيدا ما يكفيني  لاستجماع كل هذه الممرات معكك فلعلّها تفيض في نهاية مأساتها لتشقّ لي  مرمرا من الرجوع الى رشد الكتابة والدعابة الموؤودة بروحها فأي جرم  تكتبه الأصابع الكاذبة لتبقي على حوا ف زيفها معجبات أدمنهن الحبر حتى صرن من مداد الشوق ينتظرن حروفا بنصف كعبها المعسول ،  أي  جنون حين يصبح للقسوة قلب يكتب ، تراه بأيّ مداد سيخط من غير دماء لضحايا الخيانة  الأدبية ، وبأي عيون ستقرؤها العقول المحطّمة على صخور تناقضاتك ، فما خلتها يوما سوى كوابيس لمسرحية مملة لا يقف خلفها غير المجانين يصفقون لدهاء  مشهادها  ...ومضت هكذا سنّتي معك ومناسك  العشق صارت مبتذلة في هواك  وسفينتك الموعودة التي بنيتها مع كل لحظة انتظار مثقوبة واهية البدن محطّمة الأفكار لا محرّك يقود جسمها المريض غير نيران من الحقد واوراق مكتوبة  باسم امرأة أخرى  تجلس بيني وبين كذبك  مسرف أنت  في قتلك النرجسي لشعور تبعك حتى النهاية  وآمن بسفينتك رغم ثقبها المفضوح ، فيالها من سخرية جميلة  حين تحمل في كل مغامرة انتحارية  حبرية حقيبة جديدة لامرأة جديدة لعشق جديد لتمثل دورا لا يليق بك فقط لتثري فراغا ما يسكنك ويسكن أوراقك المريضة ، فلا أخال الفاقدين للأشياء يمنحون شيئا غير الهواء ، آلهة للعقاب ربما أكونها فقط لو كنت انسانا  لكنك لست سوى فتات من حجر مبلل بماء الغرور والقسوة  ومواعيدك الغير المؤجلة هي نهايات حقيقية لنساء أدمنتهن لتكتب فقط وحين تنتهي منهن تقتلهن بموعد مؤجّل جدا جدا  وتتركهن معلّقات بعفن الانتظار وكانك صرت الاه للحب الموعود وليس لغيرك آلهة تناطح رعونتك في عنان سماء ليست للعبادة ..... خديجة ادريس

وقفة .... على ضريح انسان




وقفت مبتسمة مستسمحة طابور دموعها وألغت في لهفة مواعيدها مع النسيان جلست قرب الضريح معانقة ترابه وغباره وأنفاسه مدّت يدها وكأن الخوف صار يدا أخرى تبعد أصابعها عنه تحثّها على الرحيل وفضولها  يدفعها  يزيّن لها فعلتها حين تكشف عن وجهه الأكفان وتفتح عنه  كل الأقفال وتلمس يده التي  أغرتها بالخيال  نفضت من على الكتابات المعلّقة فوق رأسه أكاذيبه المقنعة وكأنما تعبث هي بتاريخ الخيبات الانسانية معه   اقتطعت الدمعة  نصف حروفها كعادتها تفعل دائما واختزلت في عينيها نظرة نحو ما مضى كنت هنا تغريني بالمواعيد وتقّلب كيفما شئت ملامح وجهي وتملك في يديك أزرار قلبي وقناعاتي تهزّها كريح مؤقتة غير مهذّبة  يوم التقيتك بدأت مأساتي ويوم تركتني صارت حياتي نقطة فراغ تغزوني كل يوم وانا على موعد معك اهكذا تترك الهدايا معلّقة دون أن تفتحها معي وترتّبها معي وتسكنها  حوضا من الذاكرة في ركن مظلم يتوسّط حيرتي ولا تسال حين ترجع رجوع المهزومين اليّ  كيف فاحت من مياهه رائحة غدرك لم تسألني يوما كيف تعفّنت أحواض دمي التي تسكنها  بغيابك صرت اليوم بين يديّ حفرة سوداء تحدّث نفسها عن عظيم  جرمها لم تسألني عن سكاكينك التي خلّفتها وراءك ولا عن رصاصاتك المصنوعة من عمري أقف الآن منهارة على قبرك وكأنما ودائعك عندي تستسمحني بالغفران تراها تكفيني أعذارك  المعلّبة  وأنا أقف بين يديك كطير مذبوح الرؤى لاسبيل له سوى الوقوف باحثة أنا فيك عن جواب ومنذ عامين لم يفارقني طيفك اللعين بل منذ سنين ها أنا ذا أقف على شتات حبك لا بل  على رفاته أحلب الهواء وللحياة العجفاء أسقيه أقف صرت أنا حيث صارت للبداية نهايات فكل عذر  مرارة أرشفها وكل حرف من أصابعك حقارة تكتبها  وكل نجاح من انجازاتك نكتة جميلة تصنعها اقف بين يديك وكأني خاوية من الرّوح  وسأغادرك وانا مليئة بالأمل فبعض الخونة يستحقون حفرة في الحياة يستقبلها زوّارها كقبلة أو كقبة لعثرة  يعتبر منها كل  المخدوعين فيك هكذا زرتك اليوم وأنا على موعد معك وقد كلّمتك وأنت في عمق حفرتك لأقول لك حيّة ترزق فيّ الحياة ولا تزال وسأترك على حافة قبرك جميع هداياك  وجميع رسائلك الكاذبة فلربما يؤنسك الكذب  والنفاق و الضمير المخذّر وامضي أنا بنصف خيبة  وترقد أنت ها هنا بكامل الخيبات .... إلى رجل يشبه النصف في نفصه  .
                                          خديجة ادريس

ظروف ... ظروف ... ظروف ...



ما أقبحها من أعذار تستلّ سيوفها الوحشية في وجهك لترسم طريقا وجسرا وحفرة وكومة من شوق وانتظار .... أي امرأة قاسية الوجه أحببت ملامحها ورحت ترسمها على خيوط من نور على سفوح من سراب .... وتظلّ أنت خلف نافذة حيّنا ترمق زجاجتي الباردة المغلقة في وجه قلبك المصرّ على اقتحام كل مرايا الوقت التي تسكنني فحطّم كلّ القضايا وكلّ الواجهات المكتوبة لأجل حب يسكن بعيدا يخفق متجاهلا كلّ النوايا ظروف ظروف ظروف .... ما أقبحني و ما أجملها تلك الظروف حين جعلتك أكثر قربا أكثر جنونا أكثر شوقا لمنديل أحلامنا المعلّق تحت شجرة مستحيلنا المرهق فكلّ الأشياء من حولنا تنذرنا بهطول برد الضياع وتظل أنت مؤمنا بي تنتظرني رغم نزول المطر فتقبّل كل مناديل الشوق وكلّ مظلات الحب التي سأغمرك بها يوم ألقاك حين فقط ترقد الظروف وتبقى أنت ....


 خديجة إدريس