أدركت يوم التقيتك أنّي نصف أنثى مهدّدة بالاجتياح ، ولاحت من بعيد ، و خلف
عينيك المبلّلتين بشوقي نهاية عصفورة من زجاج تسكنني ، ويسكنها مداد الزّهر
المستباح ، كيف لي أن أقهر في حضرتك نهايتي المحاصرة ، وفي عقر منفاي تسلّلت
أصابعك الورقيّة المغامرة أيّها المسكون بالنّسيان ... بل أيّها النسيان المسكون
بالنّور ، مهزومة هي كلّ مشاريعك على شرفات المدينة ، محمومة هي تلك النظرات
المستعجلة في رحيلها ، و تلك الحافلة العجيبة في اقتحاماتها ، وذاك الحزن المشتّت
في كتاب تصارعه لام النّهي الجميلة ، وتلك الجريدة التي تركتها بشروقها المعتاد ،
فوق طاولة مستديرة الوجه وكأنّها تسرق من تحت سكوننا نظرة خاطفة، وكأنّما مسحورة
هي مثلي بنورك ، صرت عمياء لا أرى حولي غيرك ، ولا أسمع صوتا غير خطاك ، ولا اتبع
شيئا غير ظلّك المسكون ، وكأني صرت في لحظة خاطفة ريشة مسلوبة الرّوح ، تنفخ فيها
هواءك الطفوليّ، و تدوّرها بعصا سحرك المخملي ، و ترميها بعيدا كقطّة معاقبة ،
كطفلة في مشاجراتك مشاغبة ، كلّها آمارات لهزيمتي المكابرة ، فمقتولة صرت أنا
بلامك ، وبجريدتك ، وبمحطّّتك المقبلة ، وبجميع أقلامك ....وكلّ آهاتك المنثورة
بين أزقّّّّّة مدينتي التي سكنتها عنوة ، ونثرت خطاك كما ينثر الخريف رحيقه
المجنون .... وصرت معلّقة الرّوح كقشّة منسيّة ، أنتظر محطّّتك المقبلة بقلم خديجة ادريس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق