محشوة هي السّماء بروح الأمس ... وما الأمس غير كأس تتدفّق منها أنفاسك يطالني رذاذها البارد في ليلة حاّرة بالشوق ورطبة بالذكريات فأهيم بوعيي الكامل في عمق اللّذة والسّرور وكأن الأمكنة المحيطة بي متأنّثة ، متأنّقة في انتظارك فتهيم أفكاري فيك وكأنّ المكان معدّ للنسيان تاركا خلفه الأحلام ... جالسة تلطم وجهها ...مليئ قلبها بالخدوش والصّراخ ، هزيلة في نظرتها تسمع صوت انكسار ها من بعيد وكأن زجاج اللهفة قد دهسته الدّقائق الثقيلة في مشيها وكأنّ شعورا ما داخلني ساعة أدركتني رحمة الانتظار وكأنّ وجودك يتشبّع من وجودي ، مرتبط بحبلي السريّ فتتغذّى من أنفاسي ، من حدقة عيني أتشمّم هواك من بعيد وأنت في دمي تحدث لي ثقبا فإذا تحرّك خلته سحابا يضطرب بالوجع يهتزّ كأنّما أصابته نوبة جنون ...وتعثّرت الكآبة في غير استحياء بي وجثمت على صدري وكأنّي مبتلّة بالوساوس ... تقتات منّي عصافير القلق حتّى قبل أن تجيئ فيتحرّك شيء من الحياة بداخلي ممتطيا موجة شقيّة تعلو تارة وتهبط تارة أخرى فلا تستقيم على وجهة مقامرة بروحها تهتزّ وترفّ باحساسها متفتّحة كزهرة في وسط الماء تزفّ عروسا للمغامرة ...تدقّ أعصابه فتبدّد سحبه السّودا ء المتراكمة ثمّ تجمعه من جديد بحيث لا قوى له غيرها ، فتفرغه وتملؤه بها ، وتلقّنه بما أوحت لها اللّهفة بأسرارها حتّى يدرك الشّعور بالفقد والحاجة ...وكأنها مشاحنة طويلة بين الأمس وأنت ... بين الانتظار والانتظار حتّى تأوّهت قرحة الشّوق بقلبي تقاسي تفاصيل صبرها .... ومن شدّة السّهر نامت أذن لهفتها مستيقظة تتحسّس وقع تنهيداته على مساحة جسدها المشتاق
خديجة إدريس
خديجة إدريس