الجمعة، 13 ديسمبر 2013

وحجزت لروحي مكانا في قلبك





تتحوّل أفكارك إلى رماد باهت حين يمتطيك بعض من الحزن ، وكثير من القلق كإبل جموح يرفض أن يروّض ، وتظلّ الألفاظ بداخلك كوقود نار لم يشتعل بعد . فقط دماؤك العاجزة تعبث بك فتصبح من حيث لا تدري نهبا لرياح الحيرة ... مجروحة المعاني أستقلّ عل عجل آخر ما تبقّى لي من كلمات ... أترجّى شهقة البوح العسرة في يوم أغمضت الشّمس فيه عينيها ، وتركتني وحيدة أنتظر غبارها ، أستميل فمها وكأنّي متسوّلة تمارس خيبتها برضى ...مابالي بل ما بال ذاكرتي محبوسة لا تعرف روحها من جسدها ولا عاطفتها من قلبها فيتسلّل إحساس غريب مباغت يشبه رعشة الموت يغسلك من الدّاخل فيكاد يئنّ بعضك من بعضك وكأنّ بك خيبتان تستقتلان بدم واحد .... وأنا لا أزال موجوعة بما تكسّرأحاول انهاء يوم مليئ بالقلق والصّداع ، يتقلّب الحزن كيفما يشاء ليمنحني قبلته الوحيدة ولا أعجب من منحه وعطائه في ليلة ينام فيها الهجر بدموعه ... فرائحة البعد خانقة جدا ، شعور ينسلّ من شعور ويبثّ فيه اختناقه .... ويحلّ النّسيان ضيفا ليمنح مباركته .... لذاكرة معطّلة أصابها العطب .. أحاول قدر المستطعاع اصلاح كلماتي المخرّبة واستعطاف الحياة من جديد لتمنحني مزيدا من الوقت لألملم قطع ذاكرتي التي شتّتها خريف البعد الطّويل ... توشّحت حزني الأنيق في بكائه لأستدرج الكلمات إلى مخدعي البارد ... وعلى مائدتي قاسمتها نخبا من دمي وجزء من فمي واستلقيت كما ترقد جثّت الموتى وواصلت اشتهاءك ......فالكتابة تحتاج إلى انتحار ... إلى مسكّنات ... أو عمليّة شدّ الوجه لتصبح مغرية أكثر ... مثيرة أكثر في مباغتاتها ومشاكساتها غير المتوقّعة ... ها أنا ذا سيّدي آتية إليك والحرف المبتلّ بالشّوق يترقرق في فمي وفي عينيّ صراخ يترجمه البعد ... وفي روحي المثقوبة شوكة حبّ تجلس بين عروقي ... تتحرّش بي من حيث لا أدري ... متقطّعة الأنفاس أدخّن الهواء على مضض .... وكأنّي أحاول الموت بك .... علّ روحي المسكونة بك تحجز لها مكانا في قلبك لتقيم فيه                      خديجة إدريس
                                         

حلم ضيّق




انتفخت رئتاها الصّغيرتين بالحبر والقلم ... فطمعت أكثر في
انجاب كلمات له تليق باسمه الجديد الذي غرزته في فم المفاجآت ومضت .... كارثة هي حقّا في صنع الكارثة وكأنّ غضبها متعلّق بفمها لا يلبث طويلا في صبّ حماقاته علنا ... وكأنّها صارت ربّ الشعر والورق .... أيعقل أن تنتظر لحظة بلحظة الكتابة على صدر فراغها المعذّب ...معتقدة أنّه الغرق الموعود ... أو الحبّ المفقود الذي ينتظرها ببدلة سوداء شاهرا في وجهها باقة ورد وخاتم النّسيان في زمن كثرت فيه النّعال الضيّقة ..... فلا سبيل لك سيدتي'غير النجاة بطوقي أو الهلاك على صدري.... أما كنت في حلمي البارحة مستيقظة ... تنهشين لحم الورد وتبتسمين وكأنّي صرت جرمك ... نخبا لدمك ... كفاك للتّهريج نافخة عابثة هشّة المطامع والمدامع في زحفها الصّامت وكأنّها دمية حمقاء فكّت أجزاؤها من كثرة اللّعب .... فلتبقي مكانك حيث تجلس نفسك .... فلا يوجد أجمل من مجالسة المرآة حين تصعب القمم.
                        خديجة إدريس

متعبة




متعبة أعجن راحتي بالتّفكير بك .... ولا همّ لي غير نتوءات السّهر التي خلّفتها يوم ودّعتك بصمت ... أدركت وقتها كم أنا صغيرة جدا في ثوب طفلة  أتعبتها مراجيح الانتظار  .... فراغات بعدك اللّعينة صارت تكبر يوما عن يوم ولا يزال حضورك المشاكس بداخلي كما هو لم يتغيّر ... رّبما تغيّرت أنت أو القدر اتّخذ وجهة أخرى غيرنا  .... متعبة جدا وما عاد لي نفس لمزيد من الألم ... أخاف أن أفكّر فيك أكثر لتظهر صورتي التي لا أريد أن أراها فيك ....شبه صورة أكلها الانتظار ...ونصف وجع فقد شهيّته لمزيد من الذكريات .... أيعقل أن أحبّك بهذا القدر إلى درجة أن يخطفك حلمي بعيدا عنّي .... ليقضي دقائقه الوهميّة في اشتهائك و التّودّد إليك ... وأنا المعلولة بغيابك يعلكني الزّمن الذي مضى بطيئا ...... ليختلي بي على انفراد ويجهز عليّ لحظة يغلبني انهياري .. فأهذي باسمك على أمل أن تكتبني من جديد زهرتك الوحيدة التي غمرها الثّلج في موسم النّسيان المباغت ..... أحيانا أستسلم مرغمة وكأنّ عزيمة الحبّ عندي قد هرمت .... فتشدّ الأحزان رحالها لتحطّ من غير دليل على صحراء وجداني الضائع بك ... كتبتك حتّى أنهيتك .. استبقيتك لألغيك بي ... كي أبعثك من أنفاسي كلّما أوشكت على الموت .... ما عدت أستطيع الاختناق ، ما عاد للجرح مكان ولا وقت لطهي الأمنيات على مواقد الانتظار .... ما عدت أستطيع الكتابة أكثر عن أيّ شيء إلاّ عنك وكأنّك أنا ... تتسلّل بين أصابعي كجنيّ يحمل عصا النّسيان ليربك ذاكرتي لحظة أكتب عنك .... ها قد صرت تراودني عن أفكاري ،عن أنفاسي .... حتّى صرت مجنونتك ..... أستنشق عنادك ... عنفوان الحياة الذي تحمله بين يديك ... فامنحني بعضا من بركاته حتّى أستمرّ في إدمانك ..... عصيّة الرّغبة أنا ... متمرّدة ... موجعة ... مربكة فمتى  يعتدل مزاج الحبّ عندي وتختفي سحب الفراغ من قلبي .... لاتفرّغ لكتابتك لأكون معك 
                            خديجة إدريس

الجمعة، 4 أكتوبر 2013

سيّدة السّمك الحائرة



ما ضرّها في تزاحم أحرفي تشكو ثرثرتها الأنيقة ... وتقلّب في لحظة غضب ملامحها فتعلق فجأة في شبّاك صيدها المثقوب ... ألست سيّدة السّمك الأولى التي لا حرفة لها غير الصّيد في المياه العكرة .. تمشي خلف روحها ساعية في خلاصها ، وكأنّها على موعد مع طعم جديد .... يرسّخ خساراتها السّابقة لتقتنع أنّ العبث مع الكبار له ثمن
... تهزّ دخيرتها المعتادة وتنفث في استحياء ما تبقّى فيها من دخّان ، وترمي شبكتها المكتئبة علّها تطرد النّحس الذي يلاحقها كمن يطارد ظلّه في ورقة .... ويمضي الوقت ثقيلا ... وترقص الشّمس فوق رأسها وهي على حالها تنتظر ... لا همّ لها غير الانتظار ... حتّى تهتزّ الشبكة وتطعمها من حليبها أملا مرجوا ... ما أوجع الرّغبة في تزاحمها ولا أنيس لها غير الرّفض كعود ثقاب أشعله الحقد فأحرق قلبه وانتهى ... هي هكذا نهايات بعض النّفوس المليئة بالحفر لا غنيمة لها غير مقتنيات قديمة رماها البحر لأناس مرّوا من هنا أو هناك ... وكأنّ قدرها كان ... في اصطياد مخلّفات بعض البشر .... فياليتها استوعبت الدٍّرس وألجمت فم النّحس .... وكما تقول في كلّ مرّة تصوّب فيها شبكتها ... "الحوت قادم " فعلا " النّعل قادم " 


                          خديجة ادريس

* حــــــــــــــسنا *


عقدت قرانها على الموت .... بعد أن طبعت قبلة على جبين الذكريات وسلّمتها لحبيبها في رسالة مختومة بالوجع ....تذكّره فيها بموعدهما المقبل ، وكأنّها تستغفل القدر في ثوبه الأبيض ... تسرق اللّحظات السّعيدة من فم الأيام .وتدّخرها ليومها الموعود غير أنّ الموت تعجّل في موعده وأخذ معه كلّ شيء ... حتّى حقيبة أمنياتها التي ابتلعها ملح الإنتظار ... ولم يبق سوى اسمها البارد تردّده الألسن وتجهضه القلوب عنوة وكانّه إعلان رفض عن رحيل غير معلن ... وعقد لم يصادق عليه االمحبّون بعد ...

إلى روحك الطيّبة يا حسنا أدعو الله أن تكوني من حسناوات الجنّة وحورها 
                    خديجة ادريس

وصيفة من نوع آخر


من بدأ المأساة .... ينهيها 

3 _ ليتنا نقدّم الحياة ... لمن كان لنا الحياة . ونؤجّل مواعيدنا مع السّفر الأخير ... علّنا نشفي غليل أطياف مرّت بقربنا .. وهمست طويلا حتّى نزفت والتأمت ... كمن دسّ جرحه في التّراب وأجهش بالبكاء ... واقفا يذرّ رذاذه في الرّماد وكأنّه على موعد مع خيبة .. مع آلة تصنع الحزن وتمضغه ... تبعثه على شكل بريد قاتل ..خشبيّة العواطف في زحفها نحوه ، تمارس شغفها به مكدّسة الأحلام ، معلّبة الرّؤى ، ينتظرها الفراغ في هيئة فارس على حصان ورقي أحدب ... شرسة حدّ الجرح في كلماتها ، تمدّ للقتل يدا وتفتح للإنتقام أفواها تعلك الكذب ... فكيف تدسّ سمّها وتسلم للجحر نفسها ... فارّة منّي كهرّة مذعورة اختبأت خلف صوتها ... من شدّة الذّعر تهاب ذيلها ..... كم من وقت ستظلّ عواطفنا في النقطة المفرغة ، مكمّمة ... تملؤني الدّهشة حين يأتيني السّباب في ثوب المدح .. متعلّقا بأعناق الزّهر متعطّرا في شتمه يطالبني بالوصل .. وخلفه عين مليئة بالنّار تدسّ خناجرها ... كلماتها المفخّخة ألا تزال تتشذّق ببقايا أحرف يرضعها الهوان ببطء ، وكأنّها تنزف الحكمة في يوم غابت فيه الشّمس ... لتطفئ ألما مضى .. حرقة ما لا تزال مشتعلة في ركن من قلبها الموجوع بالزّمن.. يطاوعها الوهم حينا .. ويزكّيها الحلم وصيفة للفشل... في غياب المنصّة الشّرفيّة التي ستقف عليها عارية من نفسها ومليئة بالحقد .... 
                          خديجة ادريس


الجمعة، 20 سبتمبر 2013

************ موجوعة بـــــي جدّا *************

 

رسالة إلى طفلة تبدأ خيبتها بحرف الرّاء
ما أجمل التسوّل صغيرتي .... طالما كان المانح هو ثمّ هو ثمّ هو 

موجوعة بي جدا .. تتحرّك بداخلها أنفاسي عنوة وكأنّها مصابة بلعنة اسمها النّسيان ... تكوّر أحرفها على عجل ،وتمضغ أصابعها مختلسة وكأنّ وباء ما قد أصابها ...فراحت تنسج تخاريفها على مقربة من مسامعي وكأنّها مطالبة بالنّباح المستميت حتّى ترمى لها عظمة تسدّ منافذ الجوع عندها ، أو تحظى ببعض الاهتمام ... فاطلبي الرّحمة ... ولا تنتظري أحدا علّ صندوق أمنياتك المثقوب يشبع في ليلة اختلطت فيها الرّؤوس بالأقدام ، والنّعال بالتّيجان أو لعلّك تفلحين في إطفاء جذوة النّدم المتوقّدة في أحشائك و تعالجين همّا ثقيلا يتراءى من فوقه شبح ماثل من أشباح الموتى ... مفجوعة وكأنّها ثكلت قبحها تستقطر الرّضى من سمّ الخياط حتّى بلغ بها الفقد مبلغه ... ودرج بها التسفّل قممه وحشرجت أنفاسها المريضة بي حتّى انشقّ بصرها ، ُتصعّد في خُيلاء الزّفرة فالزّفرة وترسل الدّمعة إثر الدّمعة مرتاعة ، مولّهة ، يتعهّدها الجنون بالسّقية وكأنّ الشيطان علق في فمها ، نافثا سمّه في جلدها ، عابثا ببقايا عقلها .
منظرها الحزين وهي تقلّب أوراق حلمها المتصاغر تحت وطأة صدمة لا تعرفها ... يباغتها الوجع من حيث لا تدري مغتالا عاطفتها ، داساّ سمّه في دمها المعذّب .. ترجو الخلاص من لعنة راقصتها في ليلة مزدحمة بالأقنعة ...وكأنّها تخطّ أول حرف في ورقة ، تنفخه في الهواء نفخة واحدة فيصبح فقاعة ، فراشة عرجاء فجّرها التفكير لحظة تحليق عابر لا يوصلها التّحليق إلى شيء... فتعيد بيأس ترتيب إخفاقاتها المتتالية علّ الكتابة تأتيها مرغمة لترفع عنها بعضا من الحرج ، وشيئا من الهوس بقلم يرفض أن يسلمها روحه في أوّل عثرة لها مع النّسيان ... 
جلست تنتف ريشها المجنون على طاولة فارغة وتتمتم سائلة هو لي ، ليس لي ، أنا له ، لست له ... وانتبهت فجأة لنفاذ ريشها المنزوع ، فتلقّفتها فوّهة الدّهشة وهمّ بها العزم لولا أن رأت برهان خطيئتها تحفّه الأوجاع من كلّ ناحية فخمدت جميع رغباتها المشتعلة الباردة واستسلمت مرارة الهزيمة في فمها ومضت في استحياء تطلب طفولتها ، تنعى أنوثتها ، فافتتن بها الفشل حتّى أخذ منها كلّ مأخذ و طفح بها الكأس واعتلاها اليأس ، وانشقّ الزّمن في فكرها وابتلع ما تبقّى من أيّامها ثمّ التأم ....
                        
                                    بقلم : خديجة إدريس

الاثنين، 16 سبتمبر 2013

معاقل ... الوجع



ما أوجع الطّرق على رقبة أنفاسي وكأنّي أتعمّد في غيابك رشف اختناقي ... أقلّب في برّاد الأشياء المنسيّة عن جرعة صوتك علّني أستنشق ما تبقّى لي منك لأخلع ثيابي قطعة قطعة وأرمي بها بعيدا حيث الرّغبة صامتة ....ولا مكان في قلبي غير محطّة مغتصبة ... أربكها الهجر . فويحي من همز شياطيني حين أجفلت بضحكاتها عين مودّتي وأوقعتني المعصية من سما ء محبّته فالتحفت ورق الخطيئة أداري سوأة فعلتي ... جالسة على حافّة دمعتي يأكلني وجع النّدم الخانق ... مجنونة أبتلع فوضى سويعاتي التي مضت من دونك وكانّك ماغادرتني ، وما انتشرت لتوّها حمّى ابتعادك ... فنظرة واحدة كافية لإشعال فتيلي .... فأضرم في ثيابي مزيدا من قبلك علّني أكتفي بالحرق على يديك ... ماهمّني في رفضها تلك المسافات المجحفة في تقسيط مودّتك .... وكانّها تمنّ عليّ بشفتيك القريبتين حدّ الإغماء في تحليقهما الدّائم قربي كفراشتين أرتشفهما كشراب مخذّر لا طاقة لي على رفضه ، ومباغتة نداءاته المغرية ...وكأنّه أمل يطفئ ألما ضاقت به السّماء ...وهتاف يأتيني من خلف السّحب من خلف نافذتي الضيّقة حين يحتسيني السّكر ويعرّيني على حصير الجفاء .. فتبدو لي الأشياء من حولي وكأنها تشبهك ، ترتدي ملامحك ...أن اقترب أيّها البعيد المكابر .. اقتربي أيتها الأشيا ء التي تشبهه ...كفاني احتراقا وتعالى كما تتعالى الرّغبة الكامنة في جسد مشتاق أعيته الحكمة حتّى نفخته من تحت ثيابه ... وبعثته لي شهيّ الرائحة في صدوده واضعانه .... ألست مجنونتك التي استيقظت من تحت مجامر أنفاسك ... ألا أعدني دخّانك ... معصم أفكارك ... وساعة هروبك ... ألا أعدني حيث أنت معشوقتك التي قرعت معاقل طيبتك ورقصت طويلا بين أصابعك
خديجة ادريس

مبرّرات ... حنين


4_أقلّب تفاصيل شفتيك كدفتر صغير ، وأكتفي بسحب أنفاسهما قطرة قطرة .. لأفرغهما على مهل في فمي .فلتمطر عليّ السّماء بالقبل ولتدبر المسافات بوجهها الغضوب ، شيئا فشيئا تسارع النّبض في مقعده الخجول وعلى ركبتيك أرخى ما تبقّى من شوقه العجول ...أطفأت الضّوء وبقيت بنور ذكرك ومعي طيفك أفكّ أقفاله وأرتدي رداءه وكأنّي لا أبرّر للحنين صمتا ولا لقرع النّعال المحيطة بنا صوتا ... وكأنّي بها تستعجل لحظة افتراق وكأنّ تيارا ما دبّ في دمي ، صاح مستنكرا كلماتي. مستصرخا جبروت افتتاني ...ثمّة حرب ما تطحن عواطف مدسوسة خلف الجذار تنفرد حلقاتها في كفّي كما السّراب المحمول على أجنحة الرّيح ... أشرق وجهي ، أشرق قلبي ، بثوبه الشّفّاف ولا حقيقة سوى إحساسي بأنّي أركب موجك كأرجوحة تروح بي وتجيئ..
مفتونة به ، مأخوذة بتفاصيل دفتره سأكون صديقة ابتسامته ، ورفيقة ذاكرته ... تقوقعت في فمه ... واستوطنت جميع حواسه ...أحجب صدره بعيدا بعيدا حتّى تنسحب السلحفاة إلى صدفتها وتكفّ زحفها البطيء نحوه وكأنّها على حافة قربه تمتهن حبّه بذراع واحدة ... انتهيت إليه متسلّلة سارقة محتالة متجبّرة لا أرضى لغيري متّكأ أحيي في صدره صبرا وأميت ....لا أقوى بعده ، أتغذّى من رائحة جسمه ، مستسلمة لنغمه ... متناسية صخبا ما أقلق سرير أفكاري لحظة تحرّر فيها الحرف واستقرّ في دائرة فمه ، مكثت غير بعيد أشاكسه ...أنوي العودة إلى دفتره .. فما أشهى قربه وعزوفه ..
                                خديجة ادريس





وتأجّل ... الحلم الصّغير



مسحت غبار الوقت الضّائع من نافذة أحلامها الصّغيرة... تنتظر موعد لقائها الأوّل بطاولتها الجديدة ... رفيقة دربها الأولى ... بعد والديها ومهد أخيها الصّغير ... فما أجمل أن تنتظر شيئا جميلا سيأتيك ولا يوجد في دفاترك الجديدة غير الانتظار علّها تكون أوّل خطوة نحو الانفصال عن رحم البيت ، ورائحة الدّمى ، وضجيج الحيّ ... تراها كيف ستكون البداية والعالم من حولها مليىء بالمفاجآت والخيبات التي لم تعتد عليها .... لم تجرّب بعد احتساء نخبها من خلف طاولات الزّيف والخداع ..... تماما كمرآة غرفتها الباردة التي لا تصحو الحقيقة إلاّ على يدي ابتساتها البريئة ... ومرّ الوقت بطيئا في أنفاسها متعمّدا ، متطاولا ... مباغتا طفولتها ... ليأتيها الوجع من حيث لا تدري ...فتغادر كلّ العصافير أعشاشها محمّلة بالأماني وتبقى هي خلف نافذتها منتظرة خلاصها في صوت يأتيها من أعلى برج سكنته الأحلام ... ليمسح دمعتها ويعجّل التحاقها بمدرستها لأوّل مرّة ... تأجّل الموعد ، وركنت الحقيبة في ظلمتها وانطوت الدّفاتر والأقلام المتعجّلة .... حتّى أتاها نورها من بعيد محمّلا برغباتها ...تهابه الأشياء المستعصية ... فما أجمل أن تبتلع دموعك وآهاتك وتبتسم ... حين ترى قرّة عينك تغمرها الفرحة .. وكأنّ شيئا ما تحرّك في كبدك يهزّك في العمق ، يصرخ في وجهك فاتحا كلّ النّوافذ البعيدة ، مستسلما لكلّ الشرفات السّاكنة .... مادّا جسر مودّتك لطفلة تأخّرت عن موعدها ... بخطوتين ...وتأجّل حلمها الصّغير بدقيقتين ...


خديجة ادريس

السبت، 31 أغسطس 2013

............. أنثى تغرق ............



فمكِ المغلق
ووجهكِ المرهق
وعيناك موعد يُزهق
فواصل ونقاط وأحرف
هكذا أنتِ حلم
وحقيبة أمنيات تُسرق
ألست أنثى أم الإناث أنت
صار اسمك بهنّ يُرفق
مهلك .... تلك الحصى في يديك
وذاك التراب ...
وهذا الشّراب
وصوت المحراب
في قلبك يُشنق
أنثايا أنت ..
وستظلّين في فمي
علقم ...
حبّة سكّر
جنيّة خرجت
من تحت أنفاس
تغرق
خديجة ادريس

أكتبني كثيرا



أكتبني كثيرا
من فضلك
كي تحبّني أكثر
فالكتابة كالقتل تماما
و أنا يقتلني جدا
أن أموت حرفا
خديجة ادريس

الاثنين، 26 أغسطس 2013

إنــــــــــّي ... مرهقة



مرهقة أشتهي كتفك وبعضا من صوتك ... أبصرك بعيدا من خلف طاولة اشتياقي ... فأبعثك أحرفا تبادلني وجعي .. تتغذّى بها روحي حين يباغتني الشّوق ويأتيني بك مصنوعا من خيطان الجوع والعطش واللّهفة ... أشتهيني قلمك الذي به تكتب ... منديلك الورقي ، ساعة يدك الملتصقة بمعصمك وكأنّها أنثاك الوحيدة التي تنفرد بك ... تغتال دقائق انتظاري .... أشتهيني ربطة عنقك لتحضني أنفاسك لعلّ المسافات العابثة بي تكفّ عن مشاكساتها قليلا وتمنحني بعضا منك في صورة أتباها بها أمام الجميع .... وكأنّي أمنح نفسي عذر الجنون ، وقبح الظّنون ... وحجّة غياب .... إذ أنّي لا أكتب إلاّ عنه وكأنّ الكلمات صارت هو تمنحني نفسها عند أوّل منازلة من غير مقاومة 

خديجة ادريس

ساعة .... اختناق



ما أوجع الطّرق على رقبة أنفاسي وكأنّي أتعمّد في غيابك رشف اختناقي ... أقلّب في برّاد الأشياء المنسيّة عن جرعة صوتك علّني أستنشق ما تبقّى لي منك لأخلع ثيابي قطعة قطعة وأرمي بها بعيدا حيث الرّغبة صامتة ....ولا مكان في قلبي غير محطّة مغتصبة ... أربكها الهجر . فويحي من همز شياطيني حين أجفلت بضحكاتها عين مودّتي وأوقعتني المعصية من سما ء محبّته فالتحفت ورق الخطيئة أداري سوأة فعلتي ... جالسة على حافّة دمعتي يأكلني وجع النّدم الخانق ... مجنونة أبتلع فوضى سويعاتي التي مضت من دونك وكأنّك ماغادرتني ، وما انتشرت لتوّها حمّى ابتعادك ... فنظرة واحدة كافية لإشعال فتيلي .... فأضرم في ثيابي مزيدا من القبل علّني أكتفي بالحرق على يديك ... ماهمّني في رفضها تلك المسافات المجحفة في تقسيط مودّتك .... وكأنّها تمنّ عليّ بشفتيك القريبتين حدّ الإغماء في تحليقهما الدّائم قربي كفراشتين أرتشفهما كشراب مخذّر لا طاقة لي على رفضه ، ومباغتة نداءاته المغرية ...وكأنّه أمل يطفئ ألما ضاقت به السّماء ...وهتاف يأتيني من خلف السّحب من خلف نافذتي الضيّقة حين يحتسيني السّكر ويعرّيني على حصير الجفاء .. فتبدو لي الأشياء من حولي وكأنها تشبهك ، ترتدي ملامحك ...أن اقترب أيّها البعيد المكابر .. اقتربي أيتها الأشيا ء التي تشبهه ...كفاني احتراقا وتعالى كما تتعالى الرّغبة الكامنة في جسد مشتاق أعيته الحكمة حتّى نفخته من تحت ثيابه ... وبعثته لي شهيّ الرائحة في صدوده واضعانه .... ألست مجنونتك التي استيقظت من تحت مجامر أنفاسك ... ألا أعدني دخّانك ... معصم أفكارك ... وساعة هروبك ... ألا أعدني حيث أنت معشوقتك التي قرعت معاقل طيبتك ورقصت طويلا بين أصابعك
                                         خديجة ادريس

الأحد، 25 أغسطس 2013

فتى اللّحظة


 أهداني روحه ، وقلبه ، ودمه ، لم يدّخر شيئا للقدر ، مكابر في صمته في حرفه لا يحمل زادا غير عواطفه المسكونة بي ، وكأنّه فتى اللّحظة في مراوغته للحزن ومباغتته للوجع مطلقا رصاص الرّحمة ، كنت زناده لحظة اشتعلت بالأمنيات متناسية وقود دموعه ، وعلى محيط شفتيه ترقد أفكاره وتستيقظ وكأني صرت ...فاكهته الحلوة التي تقول لفمه كلني ، فكنت خلاصه الوحيد و خطيئته التي تعبر روحه ، تعتلي رشده .وفي عينيه بكاء لا يذبله الدّمع يبقى حبيس العصيان...حين التقى الوجع بالوجع أهداني مودّته في صحوة لا ضجيج بعدها ، ولا صوت للكلمات غير نداءات قلب يبايع نصرا أطبقت عليه غيوم السّماء فما كان لي منه غير الرّجاء أشدّ به عضدي في وقت يصبح الكلام فيه متقطّعا كأنما هو يختنق، يستجدي الغرق الرّحيم ... وكأنّ فؤادي في ليلة بعد حطّمته دمعة ، عبثا أواصل اشتهاءه في خلوتي ولا أكاد أحكم عقاله... يمزّقني الوجد في صمت وتظلّ أحرفه تغمغم في استعلاء مطبق ... تشركني وحدتها لحظة افتراق عابر ... ولا ضجيج غير أنفاسي تأتيه في غفوة على هيئة قدر محتّم ...تمزّقه الأيام ... تحوّله إلى قصاصات تشي بي كلّما التقت عيني بعينيه لتمدّني بمزيد من الهواء
خديجة ادريس

الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

الأنثى الآمرة



أيّتها الأنثى الآمرة متى أصبحت قاضيا في محكمة لا يوجد فيها مدّع ولا متّهم إلاّ أنت تستمتعين بإصدار حكمك عليّ بالنّفي الأبدي داخل قفص قلبك من غير طعن أو إعادة نظر في القضيّة ، فلا تدعيني أستأنف الحكم بامرأة أخرى تحاربك بنفس السّلاح ... فلا يوجد أقسى للأنثى من وجود أنثى أخرى تكسر حلبتها العاطفيّة من غير نزال .... أعترف أنّ حكمك القاسي بالنّفي يعجبني جدا ... لكنّي أخاف عليك من كثرة حركتي بداخلك ومشاكساتي الكثيرة لمقلتيك فحاذري من تعثّري المفاجئ بك لحظة تكونين في غفلة عن العالم ولا يسعك سوى أن تمسكي بيديّ كي تنامي وسط الظلام الذي تخافينه كطفلة لم تنضج بعد ... فلا تتركي ألعابك ودببة الصّوف تلعب دوري لأنّ الحياة الورقيّة لا تطفئ جميع الحرائق التي تشعلها محطّات الانتظار ، كم يلزمك من وقت حتّى تصلي إليّ مهزومة من نفسك ومنتصرة بي ، كم تبقّى لك من عمر تعيشينه مشيا بحثا عنّي يمنعك كبرياؤك المنفوخ وهزال فشلك أمامي ينتشي قامته وكأنك غير قادرة على العوم بعيدا عن حوض أفكاري ... أيّتها الآمرة الجميلة لملمي مساحيقك المبعثرة من فوق دفاتري وأقنعيني أنّي فعلا لن أغادر قفصك الصدري... وأنّي سأبقى أبد الظهر أسيرا لشفتيك... منعدمة الرّحمة أنت تمنعينني من التجوال خارج محيط ذكرياتك وأفكارك ،ومن ممارسة حرّيتي داخل قلبك ، ومن أخذ استراحتي بعيدا عن زنزانة أحضانك ..وأيّ محاولة للعصيان ستجرّني حتما إلى متاعب لا نهاية لها رأسها الأوّل مداد كلماتك ... وأطرافها غيرتك المجنونة التي لا مكبح لها ونهايتها أنا .... الضحيّة الوحيدة لمحكمتك الظّالمة .
خديجة ادريس



الاثنين، 19 أغسطس 2013

رسالة من ماء



كتبت له رسالة على ظهر ورقة ، وحمّلت البحر مهمّة أن يوصلها إليه ... هو لا يعرف البحر والبحر أيضا لا يعرفه لكنّ الصدفة تعرف كلاّ منهما ، حتّى أنها صارت تعرفني انا أيضا لذلك تشجّعت في كتابتها لأقول له بمطر الشّوق .... وأمل الوصول أنّها مشتاقة إليه وتنتظره عند عتبة الموج كلّ يوم علّه يطلّ على شكل سفينة منسية افتقدها القدر واعادها لواجهة المراسي كي تعرف لها طريقا إلى قلب واحد أسكن علبة من ورق جميع أسراره وأودعها البحر ..... علّها تصل بخير ... غير أنّ قلب ما تحمله تلك العلبة ليس بخير ... لا قدرة له على الإبحار مجدّدا ...وكأنّ يدا ما تعيده إلى الخلف مرغما وتحثّه على الفشل ... فلا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة هو لا يعرف أنّ الحياة عندها حرفها وديدنها صوته ورأس بدايتها حضوره ... بقيت واقفة على امل أن تبتعد تلك الرسالة قليلا فكانت تبدو من بعيد كحبّة حلوى يتعجّل البحر في التقاطها وكأن له فما لا يصلح إلا لابتلاع الأسرار وهضم قلوب منتصبة عند شاطئه تنتظر شيئا سيعود يوما أو عاد و تأخّرت ربما في الوصول أليه .... آخر ما قالته في نفسها مودّعة تلك الرسالة بناظريها أن عودي إليّ قريبا بعطر من احبّ واحملي لي معك علامة وصولك إليه وعودتي إليه من غير سفر .... هي هكذا سطوة بعض الحروف تغرق من بعيد قلب من تحبّ ولو ظلّت أبد الظهر تكتب في الهواء ..... غريب أن أشرك البحر في مهمّة البحث عنك .... وكأنّ له قلب أدمن الوجع حتّى صار بئرا معطّلة تصبّ فيها جميع القلوب التي أرهقها موج البعد ... وزبد الشّوق ... ومدّ القدر ....
خديجة ادريس




السقوط الهادئ




تسقط بعض الأشياء بداخلنا عنوة من غير أن تحدث جلبة أو صوتا ، وكأنّها عاصفة خرساء تبحث عن كلمات .لم تعد لرقعة البكاء متّسع لمزيد من الشّجارات ومحاولات لافشال طموح ولد من غير مخاض وكأنّه لعنة تكتم في سرير الطلق صراخها ، وتمارس طقوس موتها الشهيّ ، وتزفّ روحها لنعش طاردها طويلا واستسلمت له أخيرا من غير مناديل ورقيّة ... فتتحوّل كلّ الامنيات إلى مقابر ترقد فيها جميع الرّغبات ... فيتأخّر مخاض السّقوط على شكل رذاذ من أعلى ناطحات تسكنها مشاعرنا ... وترغمنا أفكارنا على ابتلاع آخر جرعات صبرنا لنربك الحياة من حولنا قليلا، ونجعلها أكثر تقبّلا لوجع الحبّ الذي يتملّكنا ساعة تنفصل عقولنا المكابرة عن مشاعرنا المتواضعة التي تنهينا بهذا الشّكل المفاجئ من قباب للكبرياء إلى شظايا تبحث عن متنفّس لها داخل روح أخرى استوطنتنا صدفة ، وصالحتنا مع قدرنا من غير أن نحسّ بجمال ماوقعنا فيه من سقوط ... يعلو بنا نحو من نحبّ من غير أن نسعى إليه ، ويدنو بنا نحوهم وكأنّنا وصلنا إلى أنفسنا
فنضيع كالأطفالفي عمر لا حدود له ، وكانّه يجبرنا لأجل عيونهم أن نمرّغ عقولنا في تراب الزّمن ، محطّمين كلّ الشّائعات التي تنادينا من بعيد إلى نقطة انطلاقنا من غير كسر في الذّاكرة ، أو جرح يلزمنا فراش التّقاعد عن الحياة التي تنتظرنا رغم أنوفنا الجائرة أحيانا .
لا أستطيع أن انفي سقوطي الهادئ بين ذراعيك وكانّي ما سقطت من قبل بهذه الطّريقة ، كما لا أحجب عن أوراقي أيّ سقوط آخر داخل نفسي  حين تتوقّف أصابعي عن الكتابة ، او حين تنطفىء في فمي أنوار الفرح ، أو حين أجدني غير قادرة على مجالسة نفسي حين يضايقني الفشل ، وتهجرني جميع الأحلام 
هادئة أنا ولازلت في طريقي نحوك وكانّي أدمنت لغة السّقوط على يديك من كثرة ما صددت عصافير الاعتراف بأنّي أنثى تلزمها أكثر من وثبة على صدرك ، أو عصا تسافر بي نحو وعيك العميق من غير أن أجرّب كيفية الطيران .  
  أولى الخطوات نحو الحبّ هي ان ترمي بنفسك من أعلى ولا تبالي إن كنت ستقع حقّا بين يديمن تريد ان تحطّ رحال قلبك فيه ، وتستوطن قوافل أفكاره وصحراء عناده ، أو تجد نفسك مهشّم الأضلع في انتظارترميم وإعادة تركيب لجميع المحاولات التي باءت بالفشل .. أو التي نجحت معانقة دفاتر انجازاتها ، وسيرتها الذاتيّة في السّقوط الوفّق . فابتسم للحياة وامضي مجازفا بكلّ ما تملك لأجل سقوط كهذا ، ولا تتردّد في المحاولة وإلا عشت أبد عمرك كشجرة يابسة تأكلها نار الخيبات بمختلف أنواعها.
فما أجمل لو يتحدّى الانسان بعضه ويثبت أنّه قادر على مشاكسة الحياة بقليل من الثّقة وكثير من الحبّ . المهمّ أن تجتاز علوّ ما ترغب فيه مهما كان شاهقا ... وتنزل برفق من غير مقاومة .. وكانّك تكفر بجميع معتقداتك فلا صوت بداخلك غير الرّغبة في السّقوط وتنسى في لحظة من اللّحظات كم كنت بعيدا عنيدا في مقاومة روح اشتهتك حتّى النّزيف فجعلتك نبّيا لكلّ محاولة ..
الكتابة فيحدّ ذاتها سقوط مفاجىء يأتينا بغتة ، ولا قدرة لنا على ردّه لحظة يحتجزنا صمتنا في زوايا أنفسنا ... كذلك هو حالنامع الحبّ يخترق صمّامات امانك من دون أن تدري ، فيتعجّل كلّ جزء منك في التقاط ذبذبات العشق من بعيد لتتنفّسها بدل الهواء بحثا عن ذاتك المفقودة التي عثرت عليها يوم وجدت الحبّ وفقدت كبرياءك وانفتك في صدّ كلّ اجتياح يتحوّل بسرعة إلى احتياج ، فتصبح مفرداتك وأشيائك متواطئة في سدّ ثغرات ما كنت تعتقده عيبا لتصبح رهن إشارة الحبّ حين يضرب لك موعدا على ضفاف مدينة غريبة لا تعرف فيها سوى لافتاتها التي تعرّفك بنفسها ، وكانّك في رحلة مجنونة لاكتشاف قدراتك في البحث عمّ تريده من غير عجل ، فتجد نفسك غارقا في مدينة تسكنك ، ترفض أن تمنحك نفسها في المنازلة الاولى ، فكلّ صعب مشتهى ولكلّ بداية منتهى ، فمارس جنونك على الأشياء ودعها تأتي إليك من غير طلب ، فما أجمل ما يأتينا حين لا نطلب أبدا ... فالحبّ هو أن تعطي من غير طلب ، وأن تكتب من غير سبب ، وتسقط من غير عطب ....
أحيانا تسقط عينك من نفسك فتجد نفسك مجبرا على تغيير عاداتك السّلبية محاولا إثبات العكس ، لتعتدل صورتك التي شوّهها فشلك  وعدم تقبّلك لذاتك حين تجرّك للخلف ، ولا سبيل لك غير المحاولة .. أليست المحاولة المستمرّة للنجاح محاولة لاستعطاف قلوبنا ، واستدراج قناعاتنا حتّى لا نسقط من عيون تحوم حولنا.. قبل أن نسقط من عيون أنفسنا  
                                    خديجة ادريس