أيّتها الأنثى الآمرة متى أصبحت قاضيا في محكمة لا يوجد فيها مدّع ولا متّهم إلاّ أنت تستمتعين بإصدار حكمك عليّ بالنّفي الأبدي داخل قفص قلبك من غير طعن أو إعادة نظر في القضيّة ، فلا تدعيني أستأنف الحكم بامرأة أخرى تحاربك بنفس السّلاح ... فلا يوجد أقسى للأنثى من وجود أنثى أخرى تكسر حلبتها العاطفيّة من غير نزال .... أعترف أنّ حكمك القاسي بالنّفي يعجبني جدا ... لكنّي أخاف عليك من كثرة حركتي بداخلك ومشاكساتي الكثيرة لمقلتيك فحاذري من تعثّري المفاجئ بك لحظة تكونين في غفلة عن العالم ولا يسعك سوى أن تمسكي بيديّ كي تنامي وسط الظلام الذي تخافينه كطفلة لم تنضج بعد ... فلا تتركي ألعابك ودببة الصّوف تلعب دوري لأنّ الحياة الورقيّة لا تطفئ جميع الحرائق التي تشعلها محطّات الانتظار ، كم يلزمك من وقت حتّى تصلي إليّ مهزومة من نفسك ومنتصرة بي ، كم تبقّى لك من عمر تعيشينه مشيا بحثا عنّي يمنعك كبرياؤك المنفوخ وهزال فشلك أمامي ينتشي قامته وكأنك غير قادرة على العوم بعيدا عن حوض أفكاري ... أيّتها الآمرة الجميلة لملمي مساحيقك المبعثرة من فوق دفاتري وأقنعيني أنّي فعلا لن أغادر قفصك الصدري... وأنّي سأبقى أبد الظهر أسيرا لشفتيك... منعدمة الرّحمة أنت تمنعينني من التجوال خارج محيط ذكرياتك وأفكارك ،ومن ممارسة حرّيتي داخل قلبك ، ومن أخذ استراحتي بعيدا عن زنزانة أحضانك ..وأيّ محاولة للعصيان ستجرّني حتما إلى متاعب لا نهاية لها رأسها الأوّل مداد كلماتك ... وأطرافها غيرتك المجنونة التي لا مكبح لها ونهايتها أنا .... الضحيّة الوحيدة لمحكمتك الظّالمة .
خديجة ادريس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق