كتبت له رسالة على ظهر ورقة ، وحمّلت البحر مهمّة أن يوصلها إليه ... هو لا يعرف البحر والبحر أيضا لا يعرفه لكنّ الصدفة تعرف كلاّ منهما ، حتّى أنها صارت تعرفني انا أيضا لذلك تشجّعت في كتابتها لأقول له بمطر الشّوق .... وأمل الوصول أنّها مشتاقة إليه وتنتظره عند عتبة الموج كلّ يوم علّه يطلّ على شكل سفينة منسية افتقدها القدر واعادها لواجهة المراسي كي تعرف لها طريقا إلى قلب واحد أسكن علبة من ورق جميع أسراره وأودعها البحر ..... علّها تصل بخير ... غير أنّ قلب ما تحمله تلك العلبة ليس بخير ... لا قدرة له على الإبحار مجدّدا ...وكأنّ يدا ما تعيده إلى الخلف مرغما وتحثّه على الفشل ... فلا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة هو لا يعرف أنّ الحياة عندها حرفها وديدنها صوته ورأس بدايتها حضوره ... بقيت واقفة على امل أن تبتعد تلك الرسالة قليلا فكانت تبدو من بعيد كحبّة حلوى يتعجّل البحر في التقاطها وكأن له فما لا يصلح إلا لابتلاع الأسرار وهضم قلوب منتصبة عند شاطئه تنتظر شيئا سيعود يوما أو عاد و تأخّرت ربما في الوصول أليه .... آخر ما قالته في نفسها مودّعة تلك الرسالة بناظريها أن عودي إليّ قريبا بعطر من احبّ واحملي لي معك علامة وصولك إليه وعودتي إليه من غير سفر .... هي هكذا سطوة بعض الحروف تغرق من بعيد قلب من تحبّ ولو ظلّت أبد الظهر تكتب في الهواء ..... غريب أن أشرك البحر في مهمّة البحث عنك .... وكأنّ له قلب أدمن الوجع حتّى صار بئرا معطّلة تصبّ فيها جميع القلوب التي أرهقها موج البعد ... وزبد الشّوق ... ومدّ القدر ....
خديجة ادريس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق