الثلاثاء، 11 فبراير 2014

عندما يثرثر صوته ...





صوته كوقع ارتجاج في المخّ يصيب الجسد كلّه بالعطب ويصبح غير قادر على ممارسة حركاته التلقائية بعفوية وكأنّ هذا الحدث الطارئ مسؤول عن عصب الحركة العاطفية ... وملامحها التعبيرية بحيث لا يمكن لمثل هذه الهزّة أن تصيب جسدا آخر غير جاهز للعنة الحبّ التي يصاب بها البعض ويعتبرها لعنة محمودة تجلب الحظّ وتذهب النّحس عن القلب الذي ينتعش سريعا بفعل هذه المؤشرات التي يعجز الطبّ عن رصد طريقة تفكيرها وحركاتها المشاكسة في داخل كلّ واحد منّا .... أليس جميلا أن تسكن بداخل من تحبّ من غير أوراق تثبت انتماءك لوطنه فتصبح كالشّجرة المزروعة باتقان تسمع حثيث أوراقها كلّما تنهّد المحبّ بآهة شوق مستفزّة ، وكأنّك تقول من أعمق نقطة فيه قف على الشّوك مغمض العينين ستجد الشّوك مفرشا لذاكرتي فمرّ عليه برفق ولا تحدث ضجّة فلربما تأتينا عاصفة مباغتة تنفخ فينا سوادها رغبة منها في تحطيم حلمنا المعلّق .... فالأحلام اليوم صارت مطاردة ، تثير الشبهات أينما حلّت وكأنّها جريمة لا بدّ من محاكمتها لتجريم أحلامها... مرّ فلا يوجد أجمل من العطب الذي يحدثه صوتك في لحظة انفصال تام عن العالم وكأنّك مخلوق تصارع الوحدة في عالم فارغ إلاّ منه ، وكأنّ شللا ما يصيب جميع أعضائك فتعجز عن تحريك حواسك إلاّ  واحدة تظلّ وفيّة لك في سمعها العميق لنبرات صوتك المنبعثة وكأنّها حالة جويّة طارئة  تلزمك المكوث في البيت مقابلا لوجه المدفئة ولرائحتك المنبعثة من الحطب المحترق وكأنك تقول رغم الاحتراق والافتراق والحصار المفروض موجودون كالثّوب الشّتوي على الجسد ، كالمظلّة الواقية فوق الرّأس والقلب... كم يلزمني من لحظة لأعيشها بهذه الطريقة كلّما دقّ الهاتف لأسافر مع نغمات شوقها بعيدا وقبل أن أضغط على زرّه الأخضر  تتقلّص  المسافات الطويلة بيني وبينك وتتعجّل أصابعي في الرّد قبل أن يحدث طارئ ما ، أو انقطاع مفاجئ للاتصال فكثيرة هي الانقطاعات المفتعلة في يوم شتوي تقطع فيه جميع الطّرق وكأنّهم لا يضعون حسابا لقلوب مبتلّة تنتظر خلف نافذة غطّاها الثّلج فلا ترى منها غير الصورة التي ترسمها لوجه تنتظره من مدّة بينما هو في الشقّ الآخر للغياب يطفئ حنينه بفنجان قهوة متّكئ في ركن بعيد من غرفته وكأنّ المكان يوحي بشيء ما يومئ من بعيد كشرارة متّقدة أفقدها البياض حماستها ... موغل في صمته إلى الحدّ الذي تتزاوج فيه الحياة بالموت في ثنائية عجيبة غمرها النّسيان بالنّسيان .. وتظلّ الذاكرة مستيقظة ترمقه من بئر أنفاسه العميقة وكأنّها تستجديه لمزيد من القبل ... تليق به السّماء إلى حدّ بعيد في نتوءات سحبها ورحابة صدرها وعواصف صمتها وقلّة ثرثراتها ... وكأنّه يلعن الأوراق الفاضحة ، حين تصبح الكتابة فعل ماض مبني على التوقّعات خديجة ادريس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق