الثلاثاء، 28 مايو 2013

ورجع قلبي بخفيّ حنين


ورجع قلبي بخفيّ حنين
 إلى روح رحلت بعيدا عن روحي



أفرغت مخالبها تلك الأوجاع المضطجعة في فمه ،ومضت عند عتبة غرفته المنعزلة تخيط ما تبقّى من روحه ، وسريره البارد يلقّنه آخر تعاويذه مع الزّمن ... لم يستأذن أحدا ومضى في غفلة مناّ خاليا من تقاسيم  وجهه  ، عاريا من ابتساماته في رحلة يبحث فيها عن ممتلكاته التي تركها عنوة حين باغته قبح المرض ، أليس مؤلما أن تتناثر قطعك الحزينة على شكل أوراق شيّعها الخريف إلى مثواها الأخير وأنت الواقف على رأس أفكاره ، الجالس على كومة أنفاسه تقرأ آخر ما سمعت من صوته ،وكأنّك صرت سريره الذي ينقل إليك ذبذبات ما تبقىّ منه عابرا خطوط ذكرياته ليستقرّ به المقام إلى قاعك مستأصلا  مقل حزنك ، ووجهك الممطر يصير لحظة انهيار مباغت سحبا تثقبها عصافير الدّهشة وتخيطها نداءات قلب خفق كثيرا حتّى أرهقه الصّراخ .... استيقظت فجأة على ضجيج النّاقلات والجسور وحركة النّاس المستعجلة لأجد نفسي في مكاني لم أبرح  أوجاعي ، وكأنّ الزّمن تعمّد استبطائي لأموت نزفا في طريق محظور فيه بيع السكّر ...للعابرين بين مقاهي الثّرثرة وفناجين قلبي مقلوبة على نواصيها ...  تعيدني إلى زمن غير بعيد ليلبسني صوته ويقمّصني دوره وكأنّي صرت هو محبوس بداخله أقرأ تفاصيله وأرتّب قطع أوجاعه التي لم يبح بها لأحد ... بل كانت هي من تشكوه طويلا وتلعن صموده في وجه سخطها ...بابتسامته الواثقة التي لم يعرف كنهها  أحد ... لا أدري كيف استوقفتني آخر كلماته وكأنّه بها يقول انتهت الرّحلة أي بنيّ لتبدأ  رحلة أخرى فقط كن صديقي الذي عهدتك دائما كن مكاني كن ابتسامتي كن أنا ... تهشّمت سروح كبريائي وحوّلتني إلى طفل صغير يبحث عن قشّة يخالها أمّه ليبكي على صدرها ويغسل ضعفه الذي صمد طويلا تحت أقنعته ... تراني سأرث ابتسامتك وجأش فحولتك .. تراها بداخلي ترتع جينات ومورّثات شهامتك  مستوحشا صرت فجأة أقلّب ذاك السّرير علّني أظفر بآخر ما ترك لي ... قميص ملبوس وسروال بارد استوقفتني أزراره المفتوحة وأنا عائد  بنعشه أبحث عنه ويبحث عنّي بابتسامته تلك استيقظت فجأة على صوت صراخي  فارّ من رحلة فزعي... خالي الوفاض إلا من وجعي ... بقلم : خديجة ادريس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق