ما ضرّها في تزاحم أحرفي تشكو ثرثرتها الأنيقة ... وتقلّب في لحظة غضب ملامحها فتعلق فجأة في شبّاك صيدها المثقوب ... ألست سيّدة السّمك الأولى التي لا حرفة لها غير الصّيد في المياه العكرة .. تمشي خلف روحها ساعية في خلاصها ، وكأنّها على موعد مع طعم جديد .... يرسّخ خساراتها السّابقة لتقتنع أنّ العبث مع الكبار له ثمن
... تهزّ دخيرتها المعتادة وتنفث في استحياء ما تبقّى فيها من دخّان ، وترمي شبكتها المكتئبة علّها تطرد النّحس الذي يلاحقها كمن يطارد ظلّه في ورقة .... ويمضي الوقت ثقيلا ... وترقص الشّمس فوق رأسها وهي على حالها تنتظر ... لا همّ لها غير الانتظار ... حتّى تهتزّ الشبكة وتطعمها من حليبها أملا مرجوا ... ما أوجع الرّغبة في تزاحمها ولا أنيس لها غير الرّفض كعود ثقاب أشعله الحقد فأحرق قلبه وانتهى ... هي هكذا نهايات بعض النّفوس المليئة بالحفر لا غنيمة لها غير مقتنيات قديمة رماها البحر لأناس مرّوا من هنا أو هناك ... وكأنّ قدرها كان ... في اصطياد مخلّفات بعض البشر .... فياليتها استوعبت الدٍّرس وألجمت فم النّحس .... وكما تقول في كلّ مرّة تصوّب فيها شبكتها ... "الحوت قادم " فعلا " النّعل قادم "
خديجة ادريس