الثلاثاء، 28 مايو 2013

مشاكسات ... غيرة




لا أستطيع أن أكتم غيرتي ... وحدها تقفز من عينيّ وتفضحني وتصرخ في وجه كلّ أنثى مرّت بقربك أو تسلّلت شقاوة إليك أو انتعلت خبثا أنثويا لتصل إليك ... جاهدة حاولت خنق أنفاسها بداخلي وسجنها في إحدى الغرف في قاع عقلي حيث ترقد كلّ الأشياء التي لم تعد صالحة للاستعمال ... غير انّي عجزت عن قصّ جانحيها وقطع زهورها قبل أن تتفتّح براعم مشاكساتها  عجزت حقّا عن ايقاف صراخها المستمرّ في وجهي ... وكأنّها منبّه لا يكلّ ولا يملّ من بعث أمواجه ورنّاته الصّاخبة في أذني ...حتّى أنّي صرت أحيانا أغار من غيرتي و أستغرب عنادها الشّرس في تملّكك وكأنّها صارت أنثى أخرى بداخلي تطالبك بمحبّتها الأبدية من دون النّساء ... جرّبت جميع المسكّنات والمهدّئات والصّيام عن الأسئلة وتتبّع حركاتك ومشاكسات عطرك والبحث المستمرّ عن آثار أنثى خلّفها صوتك وتآمر هاتفك وجيب معطفك وحذاؤك وحتّى ترصّد  أزرار قميصك وكأنّي لا أستطيع إلاّ أن أغرق في تفصيلك كي لا أترك منفذا أو ثغرة أو مساحة شاغرة تتسلّل منها أيّ امرأة ... كصرصور يستوجب قتله في الحال .. ولا أعتقدني صرت أفهم أيّ متاهة تقودني إليها غيرتي أو تخرجني منها أ و تبقيني فيها ففي كل الحالات أظلّ خلفك وأمامك ومن بين جنبيك ملتصقة بك كجلدك الذي لا تستطيع أن تتخلّص منه .....  لا يسع قلبي المريض بك سوى فعل هذا ... وإلى حين أن يخترع علماء النّفس دواء للغيرة المفرطة تقبّل منّي سيّدي جميع ازعاجاتي ومضايقاتي ومشاكساتي وحتّى ابداعاتي المتواصلة في التحقيقات معك وكأنّك بطل خرج لتوّه من جريمة مرتكبة فاتتني بعض مشاهدها وملابسات حدوثها ، فتقبّل منّي عظيم غيرتي مبتسما لأنّه لا يسعك سوى ذلك مادمت تنبض بقوّة بداخلي  


                                                            بقلم : خديجة ادريس

في عيدها لم يحضر صوتي



هذه آخر سكرات يحدثها صوتي .... في عيد لابدّ فيه من إصدار صوت

في عيدها لم يحضر صوتي ، كان أوّل وآخر الغائبين .... لم تشأ أن تطفئ شمع انتظارها بعيدا ، بل أشعلت مدخنة جوعها المثقلة بغيابي ... وانتظرتني عند عتبة باب لا يدقّّّّّّه أحد ...ما كنت يوما أنيقة معها في هجري ، ولا ساحرة بذكرياتي ، ولا أميرة بأحرفي ... كانت هي فقط سيّدة الموعد .. جالسة عند موقد الهدايا ... تحتفي بما تبقّى لها من أشياء ... وفوضى تغمر وجهها ... تنتظر من يرتّب تفاصيلها الصّغيرة .. ويشمّع وقتها المثقل بالنّعاس ...  ريثما تهدأ العاصفة ويسكت الخوف  نوافذه لتنفخ في الهواء فرحتها من غير صخب أو جلبة تحدثها أهازيج الغياب  ، وتطفئ على غفلة من أعواد الكبريت شمعها المعتّق بالسكّر ... وكأنّها تكتب بدايتها من نهايتها وتلعن شيئا اسمه الهجر كان أنا وكنت هو في يوم ممنوع فيه الحزن من تقاسم الضّجر...     بقلم : خديجة ادريس




ورجع قلبي بخفيّ حنين


ورجع قلبي بخفيّ حنين
 إلى روح رحلت بعيدا عن روحي



أفرغت مخالبها تلك الأوجاع المضطجعة في فمه ،ومضت عند عتبة غرفته المنعزلة تخيط ما تبقّى من روحه ، وسريره البارد يلقّنه آخر تعاويذه مع الزّمن ... لم يستأذن أحدا ومضى في غفلة مناّ خاليا من تقاسيم  وجهه  ، عاريا من ابتساماته في رحلة يبحث فيها عن ممتلكاته التي تركها عنوة حين باغته قبح المرض ، أليس مؤلما أن تتناثر قطعك الحزينة على شكل أوراق شيّعها الخريف إلى مثواها الأخير وأنت الواقف على رأس أفكاره ، الجالس على كومة أنفاسه تقرأ آخر ما سمعت من صوته ،وكأنّك صرت سريره الذي ينقل إليك ذبذبات ما تبقىّ منه عابرا خطوط ذكرياته ليستقرّ به المقام إلى قاعك مستأصلا  مقل حزنك ، ووجهك الممطر يصير لحظة انهيار مباغت سحبا تثقبها عصافير الدّهشة وتخيطها نداءات قلب خفق كثيرا حتّى أرهقه الصّراخ .... استيقظت فجأة على ضجيج النّاقلات والجسور وحركة النّاس المستعجلة لأجد نفسي في مكاني لم أبرح  أوجاعي ، وكأنّ الزّمن تعمّد استبطائي لأموت نزفا في طريق محظور فيه بيع السكّر ...للعابرين بين مقاهي الثّرثرة وفناجين قلبي مقلوبة على نواصيها ...  تعيدني إلى زمن غير بعيد ليلبسني صوته ويقمّصني دوره وكأنّي صرت هو محبوس بداخله أقرأ تفاصيله وأرتّب قطع أوجاعه التي لم يبح بها لأحد ... بل كانت هي من تشكوه طويلا وتلعن صموده في وجه سخطها ...بابتسامته الواثقة التي لم يعرف كنهها  أحد ... لا أدري كيف استوقفتني آخر كلماته وكأنّه بها يقول انتهت الرّحلة أي بنيّ لتبدأ  رحلة أخرى فقط كن صديقي الذي عهدتك دائما كن مكاني كن ابتسامتي كن أنا ... تهشّمت سروح كبريائي وحوّلتني إلى طفل صغير يبحث عن قشّة يخالها أمّه ليبكي على صدرها ويغسل ضعفه الذي صمد طويلا تحت أقنعته ... تراني سأرث ابتسامتك وجأش فحولتك .. تراها بداخلي ترتع جينات ومورّثات شهامتك  مستوحشا صرت فجأة أقلّب ذاك السّرير علّني أظفر بآخر ما ترك لي ... قميص ملبوس وسروال بارد استوقفتني أزراره المفتوحة وأنا عائد  بنعشه أبحث عنه ويبحث عنّي بابتسامته تلك استيقظت فجأة على صوت صراخي  فارّ من رحلة فزعي... خالي الوفاض إلا من وجعي ... بقلم : خديجة ادريس